كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الناس وعرفوا أساليبه وكمال بلاغته ... فلم يخش اختلاطه بعد ذلك " (١) .
وقال ابن عبد البر: " من كره كتابة العلم إنما كرهها لوجهين: أحدهما ألا يتخذ مع القرآن كتابا يضاهى به، ولئلا يتكل الكاتب على ما كتبه فلا يحفظ، فيقلَّ الحفظ " (٢) .
وذكر الخطيب البغدادي:" ... لئلا يضاهى بكتاب الله غيره أو يشتغل عن القرآن بسواه " (٣) .
وقال ابن الصلاح: ".. ولعله أذن في الكتابة لمن خشي عليه النسيان، ونهى عن الكتابة عنه من وثق بحفظه مخافة الأتكال عن الكتاب" (٤) .
ومن خلال أقوال العلماء هذه نستطيع أن نجمل العلل التي من أجلها نهى الرسول ﵊ عن كتابة الأحاديث فيما يلي:
أولًا: خوف انكباب الناس على كتابة غير القرآن:
فالغرض من منع كتابة الأحاديث هو الحفاظ على الاهتمام النشط من جانب الذين هداهم الله إلى القرآن، فالقرآن لا يزال في مرحلة الوحي ولم يجمع بعد، فكان ينبغي أن يُعطى مزيدًا من الاهتمام عن أحاديث الرسول ﷺ، فخوفًا من احتمال أن يصرف اهتمام المسلمين عن المصدر الأول للتشريع منع الرسول ﷺ كتابة الأحاديث.
يؤيد ذلك التعليل: أننا إذا تأملنا أقوال الصحابة الذين امتنعوا عن الكتابة وحظروها نجدهم يصرحون بذلك، فهذا أبو نضرة يقول: قلنا لأبي سعيد: لو
_________
(١) توضيح الأفكار ٢ / ٢١٨.
(٢) جامع بيان العلم ١ / ٨٢.
(٣) تقييد العلم ٥٧.
(٤) مقدمة ابن الصلاح ٨٨.
1 / 30