كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
غيرُه، أو يشتغل عن القرآن بسواه " (١) .
ثالثًا: المحافظة على النص القرآني خشية اختلاطه بالسنة.
إن من أسباب النهي عن كتابة الحديث النبوي: خوف اختلاط بعض أقوال النبي ﷺ بالقرآن سهوًا من غير عمد (٢)، ويؤيد ذلك التعليل ما ذكره البغدادي بقوله: ".. ونهى عن كتب العلم في صدر الإسلا م وجدته لقلة الفقهاء في ذلك الوقت، والمميزين الوحي وغيره، لأن أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين، ولا جالسوا العلماء العارفين، فلم يُؤْمَنْ أن يُلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن، ويعتقدوا أن ما اشتملت عليه كلام الرحمن" (٣) .
رابعًا: الحفاظ على ملكة الحفظ عند المسلمين:
قال ابن حجر: "النهي في حَقِّ مَنْ خشي الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن عليه ذلك" (٤) .
فالنهي عن كتابة الأحاديث، كان للحفاظ على ملكة الحفظ عند المسلمين؛ إذ الاتكال على الكتابة يضعفها؛ ولذلك كانوا يحتفظون بمعلوماتهم في خزائن القلوب الآمنة (٥)، والمعرفة عندهم ليست ما تحتويه الكتب، ولكن ما وقر في الصدر، فكانوا يرون أن المعلومات التي تُدَوَّن تكون عرضة للنسيان والضياع، وقد منحهم الله ذاكرة حافظة قوية صقلتها كثرة محفوظاتهم واعتمادهم عليها في كل ما يودون الاحتفاظ به، يقول الخطيب: "ونهي عن
_________
(١) تقييد العلم ٥٧.
(٢) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي: (ص ٧٦ – ٧٧)
(٣) تقييد العلم ٥٧.
(٤) فتح الباري ١/٢٠٨.
(٥) دلائل التوثيق المبكر ٢٢٠.
1 / 32