مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

شايع الأسمري ت. غير معلوم
91

مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

الناشر

الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

السنة ٣٤ العدد ١١٥

تصانيف

وَالثَّانِي: يرجع إِلَى أَنَّهَا بِدعَة إضافية١؛ لأنّ ظَاهر الْقُرْآن دلّ على أَنَّهَا لم تكن مذمومة فِي حَقهم بِإِطْلَاق، بل لأَنهم أخلوا بشرطها، فَمن لم يخل مِنْهُم بشرطها، وَعمل بهَا قبل بعث النَّبِي ﷺ حصل لَهُ فِيهَا أجر، حَسْبَمَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله: ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ ٢أَي أَن من عمل بهَا فِي وَقتهَا، ثمَّ آمن بِالنَّبِيِّ ﷺ بعد بَعثه وفيناه أجره. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهَا فِي هَذَا الْوَجْه إضافية؛ لأنّها لَو كَانَت حقيقيّة لخالفوا بهَا شرعهم الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ؛ لِأَن هَذَا حَقِيقَة الْبِدْعَة، فَلم يكن لَهُم بهَا أجر، بل كَانُوا يسْتَحقُّونَ الْعقَاب؛ لمخالفتهم لأوامر الله ونواهيه، فَدلَّ على أَنهم رُبمَا فعلوا مَا كَانَ جَائِزا لَهُم فعله، وَعند ذَلِك تكون بدعتهم جَائِزا لَهُم فعلهَا، فَلَا تكون بدعتهم حَقِيقِيَّة، لكنه ينظر على أَي معنى أطلق عَلَيْهَا لفظ الْبِدْعَة، وَسَيَأْتِي بعد بحول الله. وعَلى كل تَقْدِير: فَهَذَا القَوْل لَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الْأمة مِنْهُ حكم؛ لِأَنَّهُ نُسخ فِي شريعتنا، فَلَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام، وَقَالَ النَّبِي ﷺ: "من رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني"٣. على أَن ابْن الْعَرَبِيّ نقل فِي الْآيَة أَرْبَعَة أَقْوَال:

١ - الْبِدْعَة الإضافية: هِيَ مَا كَانَ أصل الْعَمَل مَشْرُوعا كَالصَّلَاةِ - مثلا - فَيدْخل المبتدع عَلَيْهَا أمرا من عِنْد نَفسه فيخرجها عَن أصل مشروعيتها. انْظُر الْمرجع السَّابِق، ص (١٥) . ٢ - سُورَة الْحَدِيد، الْآيَة: ٢٧. ٣ - أخرجه الإِمَام البُخَارِيّ فِي صَحِيحه - مَعَ الْفَتْح - (٩/١٠٤)، كتاب النِّكَاح، بَاب التَّرْغِيب فِي النِّكَاح، ح (٥٠٦٣)، وَمُسلم فِي صَحِيحه (٢/١٠٢٠)، كتاب النِّكَاح، ح (٥) .

1 / 101