تحذير أهل الأيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٧هـ
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
وأخرج البخاري فيه ومسلم في الوصايا عنه عن ابن عباس قال لما حضر رسول الله ﷺ وفي البيت رجال وفيهم عمر بن الخطاب قال: "هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده" فقال عمر إن رسول الله ﷺ قد غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله تعالى، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: "قربوا يكتب رسول الله ﷺ كتابا لن تضلوا بعده". ومنهم من يقول: "ما قال عمر"، فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي ﷺ قال: "قوموا عني". قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول: "إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﷺ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم".
فتأمل هذه الأحاديث وأعطها حقها من التأمل الصادق تعلم أن الله ﷾ لم يحوجنا معشر أهل القرآن إلى كتاب آخر من الكتب السماوية بل اشتمل كتابنا على جميع ما فيها من المحاسن وعلى زيادات كثيرة لا توجد فيها فلهذا كان مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها يقرر ما فيها من الحق ويبطل ما حرف منها وينسخ ما نسخه الله فيقر الدين الحق وهو جمهور ما فيها وببطل الدين المبدل الذي لم يكن فيها والقليل الذي نسخ منها.
وأما قول ابن عباس ﵄: "إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﷺ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم فقد قال المتكلمون في شرح هذا الحديث: أن عمر ﵁ كان أفقه من ابن عباس وأدق نظرا لاكتفائه بالقرآن وعلمه أن الله تعالى أكمل دينه بقوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ وقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم﴾ وأمنه الضلال على الأمة.
1 / 56