تحذير أهل الأيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٧هـ
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
ولا يقال: إن عمر رضي الله لم يرتض أمره ﷺ بكتابة الكتاب فخالفه وعصاه لأنه ﵁ فهم أن الكتاب الذي أراد أن يكتبه لا يخرج عن كتاب الله، لعلمه أنه معصوم في تبليغه عن ربه وتثبيت الله له لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ وعلمه أنه لم يترك بيان شيء مما أنزله إليه ربه، فخرج ذلك الأمر منه في حال اشتداد الوجع به ﷺ مخرج كلام النصوح الحريص على هداية شخص فهو لا يزال ينصحه بالعبارات المختلفة والأساليب المتعددة حتى يرسخ في فؤاده ما يريده منه فلذلك رأى عدم التثقيل عليه ﷺ في كتابة ذلك الكتاب مع الاستغناء عنه بالقرآن فافهم هذا المعنى فلعله أحسن شيء يندفع به الاعتراض على سيدنا عمر فيما صورته صورة المخالفة.
وفي تركه ﷺ الإنكار على عمر دلالة على حسن فهم عمر وتيقظه
لمراده ﷺ الذي هو الأخذ بكتاب الله بعده حتى لا يضلوا، وإلا فلو كان مراده ﷺ أن يكتب لهم ما لا يستغنون عنه مما لم يبينه لهم من قبل لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعادات من عاداه كما أمرهم في تلك الحال بثلاث:
كما أخرجه مسلم عن سعيد بن جبير، "أمرهم بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم"، وسكت عن الثالثة أو ذكرها ونسيها سعيد الراوي قالوا: الثالثة: هي تجهيز جيش أسامة ﵁.
ويحتمل أنها قوله: "لا تتخذوا قبري وثنا يعبد".
1 / 57