وعمرو مذكور في طبقات المعمرين، وأكثر الرواة يزعمون أنه مات وله من العمر خمسون سنة ومائة. (5-7) آثاره
لم يصل إلينا من شعر عمرو بن كلثوم شيء يستحق الذكر غير المعلقة، وأما ما بقي فأبيات ومقطعات قليلة، منها في الافتخار بنفسه وقومه، ومنها في مدح يزيد بن عمرو، ومنها في هجاء عمرو بن هند والنعمان أبي قابوس. وقد أوردنا بعضها في هذا البحث.
أما معلقته فهي الخامسة بين المطولات، قيل: إنه وقف بها خطيبا في سوق عكاظ وفي موسم مكة، ويستدل من بعض أبياتها أنها على قسمين نظما في زمانين متباعدين يوم التقاضي، والآخر بعد مقتل عمرو بن هند، في حين أن الأصمعي يزعم أنها قيلت يوم التحكيم دفعة واحدة. فإذا عرضنا بالنقد للقسم الذي قد يظن أنه نظم بعد مقتل الملك، لا نجد فيه إلا بيتا واحدا يمكن أن يستأنس به كدليل أو شبه دليل، وهو:
تهددنا وتوعدنا رويدا!
متى كنا لأمك مقتوينا!
فقوله: «متى كنا لأمك مقتوينا؟» أي خادمين، لا يصعب علينا أن نجد له تفسيرا في قصة ليلى وهند، فنطمئن إلى القول بأن المعلقة نظمت في مرحلتين. غير أن البيت الذي يتقدمه يدل على أن الشاعر يؤنب عمرو بن هند؛ لأنه ولى على بني تغلب أميرا من قبله يحكم فيهم، والبدوي لا يرضى بسيادة الغريب إلا مكرها، فإذا سنحت له الفرصة وثب عليه فقتله وتخلص منه. فالشاعر يقول:
بأي مشيئة عمرو بن هند
نكون لقيلكم فيها قطينا؟
90
فبنو تغلب - كما يتبين - ساخطون على عمرو بن هند لأمر لا علاقة له بحادثة الطرف. فقوله إذا في البيت التالي: «متى كنا لأمك مقتوينا؟» يقتضي أن لا يعني بحد ذاته حادثة خاصة، وإنما مفاده أن بني تغلب ليسوا بخدم للملوك أو لأمهاتهم ليستبد هؤلاء بهم، ويولوا عليهم من يشاءون. ولا نجد في بقية الأبيات التي تتناول عمرو بن هند إلا تبجح ابن كلثوم واعتداده بصلابة عوده وتمرده على كل من يريد أن يتحكم به أو بقومه:
صفحة غير معروفة