تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
تؤدي لاستحقاق عموم العذاب الموجب من سخط الله تع ومقته أشد مراتب العقاب فواجب على كل من ملكه الله تع القبض على مثل هؤلاء وإرهاقهم العقوبة الشديدة والتنكيل المبرح لا يتعاطى أحد فوق قدره ولا يتعدى حدود طوره فإن فتنة هؤلاء في الأمة أشد من فتنة الجوع والخوف في تخريب البلاد ونهب النفوس والأمول وذلك أن من هلك منا فإلى رحمة الله تع وكريم عفوه ومن هلك دينه فإلى لعنة الله وعظيم سخطه ومقته أعاذنا الله تع والمسلمين أجمعين.
قلت: قال الإمام المازري في "كتاب الأقضية" الذي يفتي في هذا الزمان أقل مراتبه فيما ينقل عن المذهب أن يكون مطلعا على الروايات قاصدا لمحالها وتأويل الشيوخ عليها وتوجيههم لما وقع فيها من اختلاف ظواهر واختلاف مذاهب وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق إلى النفس تباعدها وتفريقهم بين مسائل ومسائل قد يقع في النفس تقاربها فهذا يقتصر على نقله عن المذهب ألحقنا الله بأقل مراتب هذه الدرجة.
وذكر ابن رشد في أجوبته تقسيم جماعة أولي الإفتاء على أربعة طوائف فلا نطيل بجلبه لشهرة محله فاطلبه هنالك إن شئت والكلام في شروط المفتي والمستفتي وما يستفتى فيه تكفله علم الأصول.
من يدعي علم الطب
قال في "تنبيه الحكام" وكذلك ما يتعاطاه كثير ممن يدعي علم الطب ومعرفة الأدواء وصناعة اليد على جهل منهم لحقائقه إلا لمحة وقفوا عليها أو إشارة نظروا إليها وهذا الشأن من الطب مما تبطن خفاياه وتعظم زواياه فيسرعون في أجسام المسلمين بالإذاية القتالة والقطع والكي والعلاج المهلك على غير علم.
فلقد سمعت أن بعضهم ركب دواء لرجل ثم سأله بعد ذلك عن فعله فلما أخبره ذلك الرجل وثب مسرورا وقال: ما كنت أظن أنه يفعل ذلك الفعل وكان هذا الطبيب المستخفي قد جربه في هذا المسكين مختبرا لصحة عمله ومبلغ فعله. وبهذا يأتون على كثير من النفوس وإتلاف الأعضاء والسمع والبصر بحسب اجتهاد الطبيب وقوة جرأته.
قلت: قال الشيخ محمد بن زكريا الرازي رئيس المتطببين وفلاسفة المسلمين في مختصره المسمى بالمنصوري وفي الباب التي أفردها بذكر محنة الطبيب ينظر فيما أفنى
1 / 83