تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
محقق
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
الناشر
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
مكان النشر
سوريا
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
السرمدي. فقلت له: الأصل في هذا اليمين الحضر فاستعمالها طوعا محرما يتقدم فيه بالزجر ثم بالأدب.
وقال لي: ولم ذلك ألم ينشأ عنه من الحنث. قلت له: نعم. قال: نحن لم تنعقد علينا فكيف بالحنث. قلت: وما ذاك قال تكرر عندنا فقها وعرفا أن الرجل إذا بنى بأهله فلساعة رؤيتها يضع يده على رأسها ويقول لها إن حلفت بك صادقا فتكوني علي طالقا ثم لا يلزمه بعد ذلك إلا الطلاق الإنشائي أو اليمين التي تصدر عن عزيمة صدق وهو فقيه نفسه في ذلك فقلت له هذا شكل استرعاء في الطلاق فقال لي: قلت له: وإن كان نافعا لكن في اليمين التي يتبرع بها الحالف في غير دفاع طلب أو جريان حق على سبب إذ الاسترعاءات إنما هي نافعة في التبرعات فما كان لأجل شخص ولو في إرضائه فالظاهر اللزوم إذ المشهور في اليمين أنها على نية المستحلف فقال بلى يتعاكس المشهور في مذهب الشافعي مع المالكي هو على نية الحالف عندنا على المشهور. قلت له: فيلزم عليه ألا تندفع دعوى بيمين وتبطل حكمة الشرع في توجيه اليمين على المنكر إذ هي عوض عن المال فإذا ورد الحالف في يمينه وقلتم إن نيته نافعة لم يكن لليمين موقع في دفع الدعوى. وطال بيننا الكلام حتى زكنت أني أفحمته وفي الحقيقة أن هذا كما قال في "تنبيه الحكام" من التبهرج في دين الله بما يأباه الحق.
جرأة الجهال على الفتوى
وقال في هذا الفصل: جرأة هؤلاء الجهلة على الفتوى في عظيم النوازل على حسب أغراضهم بما قد نقلوه فلم يفهموه أو قاسوه فجربوه من رخصة قائل أو نظر ناظر في مذهب المذاهب الشاذة والأقوال الفاذة وربما مر بنظره الفاسد في أشباه هذه الأقوال إلى انبساط أشياء لا رأس لها ولا ذنب يخرق في بعضها الإجماع فبينما هو يفتي بأن المطلقة ثلاثا ترد إلى الواحدة وبجواز أم الولد إذ به يفتي بإباحة التيمم للصلاة والفطر في رمضان للصحيح القادر المقيم إذا شنف استعمال الماء وسئم الصير عن الغذاء وما أشبه هذا من الفواحش القاصمة للظهر مما يمنعنا الحياء من تعدادها ويزعنا وازع الدين عن ذكرها وتردادها.
ولشد ما أولع ضعفاء العامة بالأخذ عنهم والاقتداء بهم واعتقاد المعرفة فيهم فإن النفوس الخبيثة تنزع إلى الشر الذي هو من جنسها وهذا النوع من أعظم المناكر التي
1 / 82