تدريب الدعاة على الأساليب البيانية
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١٢٨-السنة-٣٧
سنة النشر
١٤٢٥هـ
تصانيف
بعث معاذا ﵁ على اليمن قال: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس» (١)
وتأمل كيف وجهه النبي ﷺ وهو يعلمه طرائق الدعوة ومنهجها إذ عرفه أولا بالمدعوين الذين سيدعوهم، وبين له بعد ذلك مراتب الدعوة وأولوياتها، ولم يكن اختيار النبي ﷺ لمعاذ ﵁ إلا لتأهله ومكنته في مجال ما بعث إليه. فهو يجمع بين فقه المفتي الأريب وفقه الداعية الحصيف، ومعاذ من فقهاء الصحابة وقرائهم ودعاتهم ﵁.
د - عبد الله بن مسعود ﵁:
لعبد الله أسلوب عرف به فهو فضلا عن كونه مرجعًا في إقراء القرآن وتفسيره، كما في الحديث الشريف: "استقرؤا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل" (٢) نجده أيضا خطيبا مفوها وواعظا حكيما، فمن منهج ابن مسعود أنه كان يتحرى الوقت المناسب للوعظ والتعليم يستجلب بذلك في المستمعين والمتعلمين الاستيعاب ويدرأ عنهم السأم والملل، يدل على ذلك ما رواه شقيق أبي وائل قال كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم، فقال: «ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم إن رسول
_________
(١) متفق عليه: خ: الزكاة (١٤٥٨)، م: الإيمان (١٩)
(٢) متفق عليه: خ: المناقب (٣٧٥٨)، م: فضائل الصحابة (٢٤٦٤)
1 / 345