الثالثة: ينبغي للتلميذ أن لا يحصره بكثرة السؤال، ويحسن مسائلته فلا يسأله في حال إلقائه عليه، أو على غيره ولا يسأله عن شيء غير ما هو مشغول فيه، ولا يسأله عن شيء مضى، ولا عن شئ مستقبل، وعليه التلقي والقبول لما ألقاه عليه، والتحفظ له ولا يعجل برده ولا باعتراضه فإن بان له فيه وجه سؤال بحث عنه بحسن عبارة على وجه السؤال لا على وجه الاعتراض والتعنت فإن ذلك يؤدي إلى حرمان الفائدة.
ومنها: أن يتخلق بأخلاق الصالحين، وأن يتواضع لجميع المؤمنين ولا يتشبه بأهل البادية في الجفاء والقسوة والغلظة، فإن كان الطالب من البادية فينبغي له أن يتشبه بالصالحين من أهل الحضر في الآداب الحسنة، فإن ((من تشبه بقوم فهو منهم))
شعرا:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم .... إن التشبه بالكرام فلاح
وذلك لأن أهل القرى ألين عريكة وأحسن طباعا، وقد روي أن الله تعالى لم يبعث نبيا من أهل البادية ولا من الجن، ولا من النساء، وقال جرير في ذم البادية:
أرض الفلاحة لو أتاها جرول .... أعني الحطيئة لاغتدى حراثا
ما جئتها من أي وجه جئتها .... إلا حسبت بيوتها أجداثا
(60) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من بدا فقد جفا)).
(61) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((الجفاء والقسوة في الفذادين)) ولأهل البادية غرام بحبها قال بعضهم وقد دخل الحضر فاشتاق إلى البادية:
لعمري لأصوات المكاكي بالضحى .... وشحم تنادي بالعشي نواعبه
أحب إلي من فراخ دجاجة .... صغار ومن ديك تنوس عباعبه وقول الأخر:
صفحة ٥١