المنهج المقترح لفهم المصطلح
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
يكن في هذه الأ/ة محدثون: فعمر منهم» (١) .] فعمد عمر إلى الثقات [المتقنين، الذين شهدوا الوحي والتنزيل، فأنكر عليهم كثرة الرواية عن النبي ﷺ، لئلا يجترئ من بعدهم، ممن ليس في الإسلام محله كمحلهم، فيكثر الرواية، فيزل فيها، أو يقول متعمدًا عليه ﷺ لنوال الدنيا..» (٢) .
وقد علق الخطيب البغدادي على هذه الآثار عن عمر ﵁، بكلام نفيس، حيث قال: «إن قال قائل: ما وجه إنكار عمر على الصحابة روايتهم عن رسول الله ﷺ، وتشديده عليهم في ذلك؟ قيل له: إنما فعل عمر ذلك احتياطًا للدين، وحسن نظر للمسلمين. لأنه خاف أن ينكلوا عن الأعمال، ويتكلوا على ظاهر الأخبار. وليس حكم جميع الأحاديث على ظاهرها، ولا كل من سمعها عرف فقهها. فقد يرد الحديث مجملًا، ويستنبط معناه وتفسيره من غيره. فخشي عمر أن يحمل حديث على غير وجهه، أو يؤخذ بظاهر لفظه، والحكم بخلاف ما أخذ به.
وكذلك نهى عمر الصحابة أن يكثروا رواية الحديث، وفي تشديد عمر أيضًا على الصحابة في روايتهم = حفظ لحديث رسول الله ﷺ، وترهيب لمن لم يكن من الصحابة أن يدخل في السنن ما ليس منها؛ لأنه إذا رأى الصحابي المقبول القول، المشهور بصحبة النبي ﷺ، قد تشدد عليه في الرواية، كان هو أجدر أن يكون للرواية أهيب، ولما يلقي الشيطان في النفس من تحسين
_________
(١) حديث صحيح.
أخرجه البخاري (رقم ٣٤٦٩، ٣٦٨٩): من حديث أبي هريرة ﵁، وأخرجه مسلم (رقم ٢٣٩٨): من حديث عائشة ﵂.
(٢) المجروحين لابن حبان (١/-٣٧) .
1 / 25