المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
ومن الأدلة كذلك ماجاء عن معاوية بن الحكم السلمي ﵁ قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله ﷺ إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكْلَ أمَّياه١ ! ماشأنكم تنظرون إلىَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمّتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله ﷺ فبأبي هو وأمي، مارأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ماكهرني٢ولا ضربني ولا شتمني، قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله ﷺ ... "الحديث٣.
إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تبين لنا أن النبي ﷺ كان يعامل الناس في دعوته بالحكمة واللين، لذلك فإنه لا بد للداعية إلى الله تعالى أن يتأسى بالنبي ﷺ في دعوته وفي أمره ونهيه، وفي تعامله مع الناس، ولابد له من الصبر وطول النفس، والتدرج مع المدعو شيئًا فشيئًا حتى يمكن إعادته للحق والصواب.
خامسا: الرفق والحلم:
إنَّ من الواجب على الداعية إلى الله تعالى أن يكون رفيقًا رحيمًا، حليمًا لينًا، مشفقًا على الناس، فإنَّ ذلك مدعاة لقبول الناس منه، وانتفاعهم بدعوته، وهذا هو خلق النبي ﷺ في دعوته للناس، ولهذا امتن الله تعالى على نبيه ﷺ بقوله:
_________
١ واثكْلَ أُمياه: معناه فقدان المرأة لولدها، ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب ولا يراد بها الدعاء، كقولهم: تربت يداك. انظر النهاية، لابن الأثير، ١/٢١٦.
٢ ماكهرني: يعني ما نهرني.
٣ صحيح مسلم، ١/٣٨١، كتب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، رقم ٥٣٧.
1 / 162