المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لا نْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ ١.
وامتن الله ﵎ على عباده المؤمنين ببعثة رسوله الكريم إليهم، وبما هو عليه من الخلق العظيم، فقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ ٢.
ولقد أمضى النبي ﷺ حياته بمكة والمدينة وغيرهما، يدعو ويذكر وينذر في غاية من اللطف واللين، ويقصد نواديهم، يدعوهم إلى الهدى، ويتحمل منهم ألوان الأذى، ويزيد على ذلك فيقول: "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" ٣.
فهذا دَيْدنُهُ ﷺ في دعوته، وأمره ونهيه، يا خذ بالرفق واللين، ولم يستعمل الغلظة والشدة، إلا حين لم يجد ذلك مع المخاطبين - مع تحقيق القدرة وانتفاء المفسدة - كما هو واضح من سيرته، وقد قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ ٤.
فمن قرأ سيرته ﷺ ولزم طريقته في دعوة أمته، كان أكمل الناس في متابعته، وأولاهم بوراثته، وأسعدهم بشفاعته، وأنصحهم لا مته، ولهذا لما كان صاحبه
_________
١ سورة آل عمران، من الآية (١٥٩) .
٢ سورة التوبة، الآية (١٢٨) .
٣ صحيح البخاري مع الفتح، ١٢/٢٨٢، كتاب استتابة المرتدين، باب إذا عرض الذمي أو غيره بسب النبي ﷺ ولم يصرح، رقم ٦٩٢٩، وصحيح مسلم، ٣/١٤١٧، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، رقم ١٧٩٢، عن عبد الله بن مسعود ﵁.
٤ سورة الأحزاب، الآية (٢١) .
1 / 163