النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
كتاب الجهاد والسير
فيه قول عبد الله بن مسعود [٣: ١٧، ١٨]:
«فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي».
أي لأن أعمالًا كثيرة لم يسأله عنها وهي متفاضلة.
وأما قول: «لزادني» فإنما حصل له الجزم بذلك لما يعلمه من محبة رسول الله ﷺ إياه وإقباله عليه، فحصل من مجموع الأمرين الجزم بأنه لو استزاده في السؤال لزاده.
* *
وفي حديث عائشة [٣: ١٨، ٣]:
«أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلا نُجَاهِدُ قَالَ: «لَا، لَكُنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ»».
روي «لَكُنَّ» بلام الجر وكاف خطاب النسوة. فالمعنى عليه: لكن كأفضل الجهاد الحج. فالكلام على التشبيه البليغ بقرينة أن الحج مغاير للجهاد.
وإضافة (أفضل) إلى (الجهاد)؛ لأن الجهاد بعضه أفضل من بعض، فالحج المبرور للنساء كأفضل الجهاد للرجال.
وروي «لكِنَّ» بحرف الاستدراك، أخت (إنَّ)، وهو استدراك على مقدَّر أفهمه سياق كلام عائشة في قولها: «نرى الجهاد أفضل العمل». والتقدير: ليس هو بأفضل العمل للنساء، لكن أفضل الجهاد حجٌّ، أي لكن أفضل الجهاد للنساء حجٌّ مبرور. والكلام أيضًا على التشبيه البليغ كما قررناه آنفًا.
* * *
باب فضل الصوم في سبيل الله [٤: ٣٢، ١]
(عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»).
ظاهر الحديث أن المراد منه الصوم عند الاشتغال بالجهاد، وعلى ذلك بني
1 / 88