النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
قال: «ما تصنعون بمحاقلكم؟» قلت: نؤاجرها على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير، قال: «لا تفعلوا، ازرعوها أو أزرعوها أو أمسكوها». قال رافعٌ: قلت: سمعًا وطاعةً».
إن كان الضمير في قوله: «كان بنا رافقًا» عائدًا على قوله: «أمر» على أن الفعل صفة، أي نهانا عن أمر كان فيه رفق لنا، أي ربح ومساعدة، وهو ظاهر سياق لكلام، وظاهر قول رافع له: «ما قال رسول الله ﷺ فهو حقٌ» إزالةً ملا يوهمه قول ظهير من أن رسول الله ﷺ نهى عن أمر فيه نفع، مع أن المنهي عنه لا يكون إلا فاسدًا.
وقول رافع أيضًا: «قلت: سمعًا وطاعةً» الدال على أن في هذا النهي إعراضًا عن منافع كانت لهم، إن كان ذلك فمطابقة الترجمة في قول رسول الله «أو أزرعوها» أي أعطوها لمن يزرعها على سبيل المواساة.
وإن كان الضمير عائدًا إلى قول رسول الله ﷺ على أن الجملة حال من «رسول الله»، أي نهانا قصدًا للرفق بنا؛ لأن في أمره بأمور رفقًا بضعفائهم في واحد من تلك الثلاثة، فيكون مطابقة الحديث للترجمة في قول ظهير بن رافع: «كان بنا رافقًا»، أي نهانا عن أمر قصد به الرفق بضعفائنا.
وعلى الوجهين فمحمل النهي عند البخاري على الكراهة، ومحمل الأمر بواحد من الثلاثة على قصد الرفق والمعروف.
* *
ووقع فيه قول [٣: ١٤١، ١٧]:
«نافع أن ابن عمر ﵁ كان يكري مزارعه على عهد النبي ﷺ وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وصدرًا من إمارة معاوية».
ولم يذكر مدة علي ﵁؛ ولعل سبب ذلك أن المدينة لم تكن في مدة علي تابعة لعلي ولا لمعاوية، فلم يكن ينسب العمل فيها إلى أحد من الخلفاء، فرأى نافع أن لا حجة في تلك المدة بفعل أحد من الخلفاء ولا الأمراء المبعوثين منهم حتى استقر الأمر لمعاوية بعد انخلاع الحسن؛ ولذلك كان مراد ابن عمر بالإمارة هو الخلافة، وإنما سماها إمارة نظرًا إلى ما وقع من الاختلاف قبلها.
* * *
1 / 67