وقد وقع جدل طويل حول الحديث الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه عن وائل بن حجر، وفيه أن الوضع على الصدر، فالشافعية وأنصارهم يذكرون أن حديث وائل هذا صححه ابن خزيمة، وأن إسناده هو إسناد حديث وائل الذي أخرجه مسلم من طريق محمد بن جحادة، وشددوا على ذلك وأكثروا الاحتجاج حتى يكاد المطالع يعتقد أن ذلك شيء مقطوع به.
وعلى العكس شدد الأحناف والحنابلة في النكير على من ادعى تصحيحه من قبل ابن خزيمة، وانتقد صاحب (حاشية نصب الراية) الشوكاني بشدة واتهمه بالتهور، والمجازفة، حين ادعى أن ابن خزيمة صحح حديث وائل.
وكذلك ردوا بشدة على من زعم أن إسناد ذلك الحديث كالذي في صحيح مسلم، والأعجب من هذا كله أن المتنازعين مجرد مستنتجين إذ لم يطلع أحد منهم على كتاب صحيح ابن خزيمة.
وبعد أن طبع صحيح ابن خزيمة، وجدنا الحديث فيه، وليس إسناده كإسناد حديث مسلم، ولكنه مروي من طريق مؤمل بن إسماعيل وهو ضعيف، وعلق عليه الألباني بقوله: إسناده ضعيف(1). وكان القول بعد الجدل الطويل قول الأحناف (2).
وفي ظل ذلك النزاع ذهب بعض العلماء إلى أن الأحاديث التي فيها ذكر تعيين الموضع ليست صحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأجمعها، قال الشيخ ابن الهمام: ولم يثبت حديث صحيح يوجب العمل في كون الوضع تحت الصدر وفي كونه تحت السرة (3).
وقال ابن أمير الحاج في (شرح المنية): ولم يثبت حديث يوجب تعين المحل إلا حديث وائل(4). وهذا بناء منه على أن ابن خزيمة صححه.. وليس كذلك كماسبق.
وقال ابن المنذر في بعض تصانيفه: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شيء يعني في تعيين مكان الوضع (5).
صفحة ٣٥