وروي عن شداد بن أوس ﵁ مرفوعا "بكى شعيب النبي حتى عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره، فقال الله تعالى له: ما هذا البكاء؟، أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار، قال: لا١، يا رب،
_________
١ قال الشيخ الألباني في كتابه: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ٢/٤٢٦: ومما ينكر في هذا الحديث قوله: "ما أبكي شوقا إلى جنتك ولا خوفا من النار": فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: "رب مما عبدتك طمعا في جنتك" ولا خوفا من نارك"، وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله ﵎ حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته ﵎، وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا، وفيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه - ورهبة من ناره، ولم لا، وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى - بعد أن ذكر نخبة من الأنبياء-: ﴿إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين﴾، ولذلك كان نبينا محمد ﷺ أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه.
1 / 65