وقيل: البصر أفضل١.
_________
١ وقال العلامة ابن القيم ﵀ في كتابه مفتاح دار السعادة ١/١٠٥، مبينا حجة من قال بتفضيل البصر على السمع: "وقالت طائفة منهم ابن قتيبة: بل البصر أفضل، فإن أعلى النعيم وأفضله وأعظمه لذة، هو النظر إلى الله في الدار الآخرة، وهذا إنما تنال بالبصر، وهذه وحدها كافية في تفضيله". ثم قال في الكتاب المذكور ١/٢٦٥: "ثم تأمل حال من عدم البصر، وما يناله من الخلل في أموره ... " إلى أن قال: "ولذلك جعل الله ثوابه إذا صبر واحتسب الجنة، ومن كمال لطفه أن عكس نور بصره إلى بصيرته، فهو أقوى الناس بصيرة وحدسا - أي ظنا وتخمينا -، وجمع عليه همه فقلبه مجموع عليه، غير مشتت ليهنأ له العيش، وتتم مصلحته، ولا يظن أنه مغموم حزين متأسف".
وقال ﵀ مبينا الفصل في هذه المسألة: ١/١٠٦: والصواب أن كلا منهما له خاصية فضل بها الآخر، فالمدرك بالسمع أعم وأشمل، والمدرك بالبصر أتم وأكمل، فالسمع له العموم والشمول، والبصر له الظهور والتمام وكمال الإدراك، وأما نعيم أهل الجنة فشيئان: أحدهما: النظر إلى الله. والثاني: سماع خطابه وكلامه ... فكلامه أعلى نعيم أهل الجنة!.
وقال أيضا ١/٢٦٥: "والذي يليق بهذا الموضع أن يقال: عادم البصر أشدهما ضررا، وأسلمهما دينا، وأحمدهما عاقبة، وعادم السامع أقلهما ضررا في دنياه، وأجهلهما بدينه، وأسوأ عاقبة، فإنه إذا عدم السمع عدم المواعظ والنصائح، وانسدت عليه أبواب العلوم النافعة، وانفتحت له طرق الشهوات التي يدركها البصر، ولا يناله من العلم ما يكفه عنها، فضرره في دينه أكثر، وضرر الأعمىفي دنياه أكثر، ولهذا لم يكن في الصحابة أطرش، وكان فيهم جماعة أضراء، وقل أن يعتلي الله أولياءه بالطرش ويبتلى كثيرا منهم بالعمى.
فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة: فمضرة الطرش في الدين، ومضرة العمى في الدنيا، والمعافى من عافاه الله منهما، ومتعه بسمعه وبصره، وجعلهما الوارثين منه".
1 / 61