ولك أن تجيب عن جميع ما تقدم بأن الناظم إنما تعرض - ههنا (¬8) - لعلل ما بني بأصل وضعه، ولزم البناء، والاسم إذا وضع في الأصل مفتقرا إلى غيره، أو مضمنا (¬9) معنى الحرف أو شبيها به في الوضع؛ فإنه يبنى كوضع (¬10) الحروف، وأما إذا وضع في أول حاله خارجا عما ذكرنا من الأسباب فهو مستحق للإعراب ما لم يعرض (¬11) عارض له يوجب بناءه، فمن العوارض: التركيب، كتركيب الحرف مع (لا) في باب النفي ب (لا)، وتركيب الأعداد والظروف، وكذلك عرض البناء في (سيبويه) عند تركيبه (¬1)، وكذلك عرض لظرف الزمان عند إضافته للمبنى، وأصل الأسماء ألا تركب، والتركيب ثان فيها؛ ولهذا كان التركيب من موانع الصرف (¬2).
ومن العوارض: (التعريف)، كما في (الأمس)، فإن التنكير سابق عليه (¬3). ومنه: قطع الإضافة؛ فإن الأصل اتصال المضاف بالمضاف [42ب] إليه (¬4) ومنه: المشابهة اللفظية، كما في (حذام) (¬5)، ونحوه، ثم الجميع لا يلزم البناء، بل يدخله الإعراب في غير هذه الحالات، أما (أمس) فإنه يعرب إذا نكر أو أضيف [23أ] أو جمع أو صغر، على خلاف وقع في التصغير (¬6). وأما (قبل، وبعد) فهي (¬7) إذا لم تقطع عن الإضافة تنصب وتخفض، نحو: (قبلهم، وبعدهم)، و(من قبلهم ومن بعدهم)، ولا ترفع لأنها غير متصرفة؛ ولهذا حكموا لها في حالة البناء بالضم دون غيرها؛ ليعطوها حركة لم توجد لها في حالة الإعراب (¬8)، وأما المنادى فأصله الإعراب (¬9)، وأما ما عدل به عن المؤنث فإنه يجوز فيه الإعراب والبناء على ما شرح في موانع الصرف (¬10). وكذلك الظروف والأسماء المبهمة والنكرة المبنية مع [(لا)] (¬11).
والحاصل: أن البناء يكون لشبه الحرف بما ذكرناه من الأنواع، وقد يطرأ على معربات الأسماء أمور توجب بناءها، وإن لم يقتضه أصلها، ويكون ذلك في أبواب جرت عادة النحويين أن يذكروا تلك الموجبات العارضة في أبوابها، كما فعل الناظم في الخلاصة وغيرها، وإنما يذكرون - هنا - ما يوجب البناء للكلمة في (¬12) أصلها وعند وضعها، كما يطرأ على معرب الأفعال ما يوجب بناءه؛ لاتصاله بالنون، ونحو ذلك.
فإن قلت: فالاعتراض إذن يتوجه على الناظم في [43ب] قوله:
ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف كأرض وسما (¬13)
صفحة ٦١