هذا حاصل ما في النظم. وقد اعترض عليه بأنه ترك كثيرا من الأسماء المبنية، مع أنه ليس فيها شيء من هذه العلل، فمنها: الأسماء قبل التركيب، كفواتح السور ونحوها؛ فإن مختار المصنف (¬12) أنها مبنية، وعلة بنائها ليس شيئا مما سبق، بل كما قال في شرح الكافية (¬1): شبهها بالحروف المهملة في أنها لا عاملة ولا معمولة؛ فكان ينبغي أن يذكر من جملة الشبه: (الشبه الإهمالي).
والجواب [25ب]: أنها داخلة في كلامه؛ لأنه حصر العلة في شبه الحرف، وهذه تشبه الحرف، لكنه لم يذكره من جملة أنواع الشبه، ولم يأت في الأنواع بأداة حصر، بل قال: (كالشبه الوضعي)، إلى آخره، ولأن كلامه في المستعملات، ولأنه جعلها في شرح العمدة (¬2). من الطراز الأول، كأسماء الأفعال؛ فقال: "بنيت لشبهها بالحروف في عدم التعلق بعامل كأسماء الأفعال".
ومنها: (أمس)،فإنها مبنية على المشهور إذا أردت به اليوم الذي قبل يومك (¬3)،مع أنها لم تشبه الحرف فيما سبق. وجوابه: أن للعرب فيها مذهبين: منهم من يعربها إعراب مالا ينصرف (¬4)، وعلى هذا فلا كلام. ومنهم من يبنيها (¬5)، وعلى هذا فعلة بنائها: تضمنها معنى الحرف؛ فهي داخلة في القسم الثاني من كلامه (¬6)، فإن الأكثرين قالوا (¬7): إنه مبني لتضمنه معنى الحرف، وهو لام التعريف؛ إذ ليس هو معرفا (¬8) إلا بها، بدليل وصفه مما فيه اللام، كقولك: (أمس الدابر) (¬9) والصفة كالموصوف في التعريف والتنكير، وليس بعلم ولا مبهم ولا مضاف ولا مضمر، ولا بلام ظاهرة؛ فتعرف بذلك، ورأيناهم يقولون: (أمس) وهم يريدون اليوم الذي قبل يومك، وليس هنا تعريفه بشيء ، دل ذلك على أنه مضمن معنى الألف واللام [14أ] [26ب]؛ فتعين تقديرها؛ لأن حكم المعاني الطارئة أن تدل عليها الحروف، فلما لم يوجد الحرف والمعنى الذي يدل عليه الحرف بوجوده حكمنا للاسم بتضمنه إياه. ولولا ذلك لما كان معرفة. وهذا ونحوه مما وقعت معرفته قبل نكرة، هذا هو الصحيح. ووراءه ثلاثة أقوال:
صفحة ٤٧