وفي هذا نظر؛ لأن اسم الإشارة لازم للتعريف، والتثنية إذا دخلت على اسم نكرته (¬1)، ولهذا قال المحققون: إنها ليست تثنية حقيقة، بل على صورة التثنية (¬2) [12أ].
القسم الثالث: الشبه الاستعمالي. وحقيقته: أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف (¬3). وله صور، منها: أن ينوب عن الفعل ولا يتأثر بالعوامل؛ فإن شأن الحرف كذلك، وذلك كأسماء الأفعال، نحو: (نزال، وهيهات)؛ فإنها نابت عن (انزل، وبعد)، ولا تقع (¬4) معمولة لعامل أصلا؛ فأشبهت نحو: (ليت، ولعل، وهل)، فإنها نابت عن (أتمنى، وأترجى، وأستفهم )، ولا تقع معمولة لعامل، فبنيت لذلك (¬5).
وخرج بذلك شيئان: المصادر، نحو: (ضربا زيدا)، والأوصاف في نحو: (جاء الضارب زيدا)، و(أقائم الزيدان؟)؛ فإنها وإن نابت (¬6) عن الفعل، لكنها متأثرة بالعوامل؛ فلم يستحكم الشبه (¬7).
وعلل في شرح الكافية (¬8) بناء أسماء الأفعال بغير هذا، وهو أنها ملازمة للإسناد إلى الفاعل، فهي أبدا عاملة، ولا يعمل فيها شيء، فأشبهت في استعمالها الحروف العاملة، ك (إن) وأخواتها. وشرح ابنه (¬9) كلامه [23ب] في الخلاصة بهذا. وهو غير مناسب للنظم إلا بتمحل.
وبالجملة فإنما تصح هذه العلة إذا قلنا: إن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، وهو قول الأخفش وغيره (¬10)، فإن قلنا بالصحيح وهو مذهب سيبويه (¬11) والجمهور: إنها منصوبة بأفعال مضمرة، كما في قولك: (ضربا زيدا)، فقولك: (صه) معناه: (سكوتا) بنى لكونه أقيم مقام (اسكت)، أو مبتدآت والضمير الذي فيها مرفوع على أنه فاعل سد مسد الخبر؛ لاستقلال الكلام به عما فيها من معنى الفعل والفاعل، كما استقل به في: (أقائم الزيدان؟)؛ فلا يصح تعليله بشيء من ذلك.
وهذا الأخير هو الذي رجحه ابن الحاجب (¬12)، وضعف القول بأنه لا محل لها بأن الأسماء تستحق الإعراب بالتركيب، سواء وقعت موقع ما له إعراب أو ما لا إعراب له؛ ولذلك أجمعوا على أن سائر المبنيات إذا وقعت مركبة فإنها معربة (¬13) محلا وإن كانت واقعة موقع ما لا إعراب له؛ فكذلك يجب ههنا.
صفحة ٤٥