وأجاب بعضهم (¬1) عن (لدن) بأن المبني إذا كان مستحقا للبناء في حال الإضافة لا تكون الإضافة مانعة له من البناء. ونظيره: (كم رجل)، و(خمس عشرك)؛ لأنها إنما بنيت في حال التنكير. والإضافة بمنزلة التنكير في مواضع منها النداء.
وفرق الأخفش بين التنكير والإضافة فيعرب في الإضافة، ويبنى في التنكير من قبل أن في الأسماء مالا ينصرف حالة التنكير، وليس منها مالا يمنع من الصرف في حالة الإضافة؛ فالإضافة أقوى من التنوين في رد الشيء إلى [21ب] أصله.
وههنا (¬2) سؤال، وهو ما علة بناء (أي) إذا أضيفت وحذف صدر صلتها؟ فإنهم نصوا على أنها إنما خرجت عن نظائرها فأعربت لأجل الإضافة. وهي موجودة في حالة وجوب بنائها؛ ومن ثم أبطل ابن جني في الخصائص اعتذارهم عن إعرابها بلزوم الإضافة. وقال: (¬3) "الإضافة لا تنافي البناء، بل لو جعلها جاعل (¬4) سببا للبناء لكان أعذر ممن يجعلها نافية له (¬5) ألا ترى أن المضاف بعض الاسم، وبعض الاسم [صوت، والصوت] (¬6) واجب بناؤه. وقد قالوا: (كم رجل قد رأيت) ف (كم) مبنية وهي مضافة، وقالوا أيضا: (لأضربن أيهم أفضل)، وهي مبنية عند سيبويه (¬7). انتهى.
وجواب هذا: أن الحذف للمصدر (¬8) منها إنما هو لتنزيل المضاف إليه منزلته، فكأنها لم تضف لا لفظا ولا نية. والمقتضى للإعراب المعارض لشبه الحرف هو الإضافة (¬9).
تنبيه: قد ظهر أن البناء لا يمنع من الإضافة في صور، منها: أنهم اختلفوا في المجرور ب (كم) الخبرية هل هو بالإضافة أو بحرف الجر المقدر؟ فعند الجمهور كما قاله العكبري في شرح الإيضاح (¬10): إنه بالإضافة. قالوا: والبناء لا يمنع من الإضافة كما في (لدن).
الخامس: أنهم أعربوا (هذين)، و(هاتين) [22ب]، مع تضمنهما معنى حرف الإشارة. وأجيب بأنهما مثنيان. والتثنية من خواص الأسماء؛ فبعدت عن مشابهة الحرف (¬11).
صفحة ٤٤