فإن قيل: ف (أيهم) من قوله تعالى: {لننزعن من كل شيعة أيهم} (¬8) مضافة، وبناؤها عارض، ومع ذلك فلم تعارض الإضافة عروض البناء عند سيبويه (¬1).
وأجاب (¬2): لأجل ذلك فر ابن السراج (¬3)، فقال: إنه على الحكاية (¬4)، وبه قال الخليل (¬5). نعم ههنا سببان: أحدهما: كونها موصولة. والآخر: حذف صدر صلتها. والإضافة تعارض مقتضى البناء الواحد لا المقتضيين.
وأشار ابن مالك في شرح التسهيل في باب الموصول إلى فرق لطيف (¬6)، وذلك أنه لم يأخذ كون (أي) مقام (تا، وحا) في مشابهة الحرف، لكن أخذ بمعنى لطيف (¬7) وهو أن إضافتها قد خالفت بها أخواتها من
أسماء الشرط والاستفهام؛ فخرجت عن النظائر بإضافتها؛ فخرجت عنها بإعرابها (¬8) [20ب].
وبهذا يجاب عن مسألة (لدن) ونحوها؛ لأن (لدن) لم تخالف الظروف في ذلك؛ لأن كثيرا منها مضاف، ثم إنه لم يأخذ معنى (الكلية، والبعضية) في الموصولة؛ لأنها لا تضاف إلا لمعرفة؛ فاعلمه فإنه حسن.
وقال ابن الحاجب في أماليه (¬9): "إنما بنيت (لدن) مع الإضافة، ولم تبن (قبل وبعد) إلا عند الاقتطاع (¬10)؛ لأن من جملة لغات (لدن): (لد)، وهي تشبه الحرف في الوضع على حرفين؛ فبنيت كما بنيت (مذ) الاسمية، و(عن) الاسمية، و(كم)، و(من)، بخلاف (قبل، وبعد). وإن كانت (لدن) بمعنى (عند)؛ لأن هذه لم توضع وضع الحروف. والأحكام لا تثبت بالعلل، وإنما التعليل للواقع. وهذا تعليل مناسب".
صفحة ٤٣