والجواب: أن حرف الجر في التقدير داخل في المضاف إليه؛ فهو أولى بالتضمن وعلى كل تقدير لا يجوز أن يبنى واحد منهما؛ لأن الإضافة تنافي البناء.
الثالث: انتفاضه بالأسماء المثناة، فإنها متضمنة للواو العاطفة مع أنها معربة؛ ومن ثم ذهب الزجاج إلى أنها مبنية (¬1)، فقولك: (الرجلان) بمثابة (رجل ورجل)، فحذفوا العاطف والمعطوف، وأقاموا حرف التثنية مقامهما [11أ] اختصارا. وصح ذلك لاتفاق الذاتين في التسمية بلفظ واحد؛ ولهذا رجعوا إلى الفك عند الضرورة؛ كقوله: (¬2)
كأن بين فكها والفك
أراد: (بين فكيها)؛ فقاده تصحيح الوزن إلى العطف.
وجوابه: ما رد به على الزجاج من أن المتضمن للحرف لا يجوز ظهوره معه، ك (أين، وكيف). وهذه تظهر معها الواو؛ فلا تكون متضمنة (¬3) له.
الرابع: انتقاضه ب (أي)؛ فإنها تأتي شرطية واستفهامية، ومع ذلك فهي تعرب. وأجيب بأن شرط الشبه الحرفي: ألا يعارضه ما يرجع به إلى أصله؛ ولهذا قال (مدنى). وهذه وإن أشبهت الحرف في ذلك لكن عارضها ما يبعده عنه، وهي ملازمتها للإضافة. وهي من خصائص [19ب] الأسماء.
وفيه نظر؛ لأن (إذ، ولدن)، كقوله تعالى: {من لدن حكيم عليم} (¬4) ونحوهما ، مبنيان مع ملازمتهما للإضافة. وإنما الجواب: أن العلة مركبة من الإضافة وأمر آخر، وهو كونها بمعنى (كل) مع النكرة، و(بعض) مع المعرفة، و(كل، وبعض) معربان (¬5). وأجاب ابن إياز (¬6) في قواعد المطارحة (¬7) بأن (إذ) بناؤها لازم، و(كم)، وإحدى لغات (لدن)، وهو (لد) موضوعتان وضع الحروف، ولا يلزم من معارضة الإضافة البناء العارض معارضتها البناء اللازم.
صفحة ٤٢