ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ........................... (¬11) لأن (أن) كأنها مقدرة، ولكنه لما زال لفظها عاقبها الرفع، ونحو: (مررت بكل قائما) ف (كل) متعرفة بما أضيفت إليه بعد حذفه على حد تعرفها به ملفوظا به، ولكنه لما حذف من اللفظ عاقبه التنوين. قال: فالإضافة في (كل)، و(أن) في (أحضر الوغى)، والحرف في الظرف، وفي المفعول كأنها مقدرة في هذه الحال، وهي في الحقيقة يقدر اللفظ بها مع زوال التنوين من (كل) وزوال النصب من الظرف والمفعول به، فهذا تقدير للفظ بالحرف والاسم على شرط. وليس هو تقديرا مطلقا ليعترض بما مر (¬1) من التقدير". انتهى.
وههنا تنبيهات:
الأول: ما قررناه في تفسير (التضمين) هو المختار. ويقرب منه (العدل) في باب منع الصرف. قال ابن الدهان (¬2): والفرق بينهما: أن العدل هو أن تريد لفظا فتعدل عنه إلى لفظ آخر غيره (¬3). ك (عمر) من (عامر)، و(سحر)، من (السحر). والتضمين: أن يحمل اللفظ معنى غير الذي يستحقه بغير آلة ظاهرة (¬4). ولأبي علي الفارسي كلام في (الإيضاح الشعري) (¬5) في ذلك أيضا يوقف عليه منه.
التنبيه الثاني: أورد على قولهم: إن الحرف المضمن لا يجتمع مع الاسم المتضمنه [16ب] (أمس)، فإنه مبنى؛ لتضمنه معنى حرف التعريف، ويحسن ظهوره معه، قال تعالى: {كما قتلت نفسا بالأمس} (¬6) وأجيب بأن هذا الظاهر غير المضمن. وذكر بعضهم (¬7) أن الأسماء المتضمنة للحروف على ثلاثة أضرب:
أحدها: مالا يجوز إظهار الحرف معه، نحو: (متى)، و(كم). وهذا مبني لا محالة.
الثاني: ما يكون الحرف المتضمن مرادا كالمنطوق به، لكن عدل عن النطق به إلى النطق بدونه، فكأنه ملفوظ به، ولو كان ملفوظا به لم يكن مبنيا، وكذلك إذا عدل عن النطق به، ك (سحر)، فمثل هذا لا يقتضى البناء.
والثالث: ما يجوز إظهار الحرف معه، كالظروف والإضافة التي بمعنى (من) أو اللام أو (في) عند من يثبتها؛ فهذا لا يجوز بناؤه لجواز إظهار ذلك الحرف. وهذا ضابط حسن في كل ما ينوب [10أ] عن الحروف من الأسماء ما يبني منها ومالا يبنى.
صفحة ٤٠