القسم الثاني: الشبه المعنوي، وضابطه: أن يتضمن الاسم معنى من معاني الحروف، وهي تنتهي إلى خمسين معنى، وذلك أن المعاني إنما تستفاد بالحروف، كالنفي والشرط والاستفهام والاستثناء، وجاءت هذه الأسماء مفيدة ما تفيده الحروف، علم أن ذلك من حيث وقوعها موقع الحروف (¬1).
ومعنى التضمن هو أن ينوي مع الكلم حرفا مخصوصا، وينتقل معنى ذلك الحرف إلى الاسم ويصير الاسم فرعا (¬2) لمعنى ذلك الحرف ومشتملا عليه، ولا يظهر ذلك الحرف معه لما (¬3) في ذلك من عدم الفائدة. وإنما ضمنوا بعض الأسماء معاني الحروف [6أ] طلبا للاختصار (¬4)، ألا ترى أنك لو لم تأت ب (من) وأردت الشرط على الأناسى، لم يفد ذلك؛ لأنك إذا (¬5) قلت: (من يقم أقم معه) استغرقت ذوي العلم، ولو جئت ب (إن) لاحتجت أن تذكر الأسماء، كقولك: (إن يقم زيد وعمرو وبكر وخالد) إلى غير ذلك، ولا [10ب] تستغرق (¬6) الجنس، وكذلك في أسماء الاستفهام.
وهذا القسم هو علة بناء أسماء الشرط والاستفهام (¬7)، وذلك لأن الأصل في الأسماء أن تدل على الأشخاص، نحو: (زيد وعمرو)، أو ما قام بالأشخاص، ك (علم، وجهل)، والأصل في الحروف أن تدل إما على المعاني المتعلقة بالنسبة، ك (هل)، أو على معنى لا يعقل [إلا من المتكلم وغيره، كتاء (أنت) فإنها دالة على الخطاب، وهو معنى لا يعقل إلا لمخاطب ومخاطب، فإذا ورد اسم دالا على أحد هذين الأمرين وجب بناؤه، فالأول ك (متى) فإنها تستعمل تارة استفهاما كالهمزة وتارة شرطا ك (إن). والثاني كأسماء الإشارة، فإنها دالة على معنى لا يعقل] (¬8) إلا بين شخصين: مشير ومشار إليه؛ فوجب بناؤها لمشابهتها لحرف الخطاب، كتاء (أنت)، وكاف (ذلك)؛ لأن الخطاب لا يعقل إلا بين شيئين (¬9)، وقد علم بذلك أن (¬10) لا فرق في ذلك المعنى الذي بني لأجله الاسم بين أن يكون قد وضع له حرف ك (متى)، أو لا يكون كأسماء الإشارة؛ فإنها بنيت لتضمنها معنى حرف الإشارة؛ إذ الإشارة معنى. والموضوع لإفادة المعاني الحروف؛ فلما أفادت هذه الأسماء الإشارة علم أنه كان القياس يقتضى أن يكون لها حرف، فلما عرى من حرف ظاهر وكان ما يدل عليه موجودا تضمنه الاسم فبني، وذلك الحرف وإن لم يكن ظاهرا في الاستعمال، لكنه مقدر في النية.
صفحة ٣٦