يرض، وشاء - عز اسمه - ألا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك (1). قال الشيخ المفيد - رحمه الله -: الذي ذكره الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - في هذا الباب لا يتحصل، ومعانيه تختلف وتتناقض، والسبب في ذلك أنه عمل على ظواهر الاحاديث المختلفة ولم يكن ممن يرى النظر فيميز بين الحق منها والباطل ويعمل على ما يوجب الحجة، ومن عول في مذهبه على الاقاويل المختلفة وتقليد الرواة كانت حاله في الضعف ما وصفناه (2). والحق في ذلك: أن الله تعالى لا يريد
---
(1) الكافي 1: 151 / 5، التوحيد: 339 / 9. (2) ذهبت أنظار العلماء مذاهب شتى في الارادة والمشيئة المذكورتين في بعض الايات، فمن قائل إن الارادة أزلية وعين ذاته سبحانه ومتعلقاتها حوادث تتجدد بتجدد العلاقات الوقتية، فالمشرك بالله اليوم لم تتعلق بهدايته إرادة الله في الازل بخلاف المؤمن الذي قد تعلقت بهدايته الارادة الازلية. وقائل آخر إن الارادات الربانية تتجدد بتجدد الكائنات والحادثات، أو أن إرادته (بالاحرى) هي الخلق ما ظهر منه وما بطن، وما قبح منه أو حسن، وثالث في القوم يرى الارادة والمشيئة عبارتين عن الداعي إلى الفعل أو الداعي إلى تركه، ولا يكون الا دعي الالهي إلا حسنا وصالحا فيريد اليسر ولا يريد العسر ويشاء الايمان ولا يشاء الكفر، ورابع فيهم لا يرى الارادة والمشيئة شيئا سوى العلم بالمصلحة أو العلم بالمفسدة، غاية الامر. مصلحة خاصة ومفسدة مخصوصة، وقد فصلت أقوالهم وأدلتهم في الكتب الكلامية، وما خلافهم هذا إلا فرعا من اختلافهم في أصل الارادة الالهية. وجدير بالمرء أن يقنع في هذه الورطة باعتقاد: أن الله سبحانه مريد فقط ولا يريد شيئا من السيئات والقبائح قط، دون أن يتعمق في كنه الارادة والمشيئة، هذا ما يقتضيه العقل والعدل وتقضي به ظواهر الكتاب والسنة، فكلما صادفته آية أو رواية مخالفة لهذا الاعتقاد لجأ إلى تأويلها تأويلا مناسبا لاصرل البلاغة واللغة ومتفقا مع المذهب، وخير كتاب يسكن النفس ويروي الغليل في هذا المقام كتاب (متشابه القرآن ومختلفه) للعالم الثقة محمد بن شهرآشوب السروي - روح الله روحه.=
--- [ 50 ]
صفحة ٤٩