تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
تصانيف
وهذه الرسالة مقسمة إلى خمسة أبواب: الأول في علوم اللغة، والثاني في علم المنطق، والثالث في الرياضيات، والرابع في الطبيعيات، والخامس في الفنون المدنية.
وقد ذكر الفارابي أنواع العلوم المحتوية عليها تلك الأبواب مع تعريفات جلية ببيان موجز في كل فن.
ومن كتبه أغراض: فلسفة أفلاطون، وفلسفة أرسطو، وتحليل بعض ما كتبه هذان الحكيمان. ولم يصل إلينا شيء من هذا الكتاب أو شيء عنه سوى ما ذكره المؤرخان ابن أبي أصيبعة والقفطي، ويظهر مما دوناه أنه كان مقسما إلى ثلاثة أقسام: الأول مقدمة وهي عبارة عن بيان فروع العلوم الفلسفية وعلاقتها الطبيعية ببعضها البعض، وترتيبها الضروري لتفهمها حق الفهم؛ والقسم الثاني عبارة عن بيان لفلسفة أفلاطون وإيضاح لكتبه؛ والقسم الثالث يشمل تحليلا مسهبا لفلسفة أرسطو مع تلخيص موجز لكل كتاب من كتبه وتبيين القصد من وضعه. وقال علماء العرب إنه لا يمكن الطالب أن يفقه معنى كتب أرسطو في القياس إلا منه. قال ابن أبي أصيبعة عن هذا الكتاب ما نصه:
وله كتاب في أغراض فلسفة أفلاطون وأرسطو يشهد له بالبراعة في صناعة الفلسفة، والتحقق بفنون الحكمة، وهو أكبر عون على تعلم طريق النظر وتعرف وجه الطلب، أطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما، وبين كيف التدرج من بعضها إلى بعض شيئا فشيئا، ثم بدأ بفلسفة أفلاطون فعرف بغرضه منها وسمى تآليفه فيها، ثم أتبع ذلك بفلسفة أرسطوطاليس فقدم له مقدمة جليلة عرف فيها بتدرجه إلى فلسفته، ثم بدأ بوصف أغراضه في تآليفه المنطقية والطبيعية كتابا، حتى انتهى به القول في النسخة الواصلة إلينا إلى أول العلم الإلهي والاستدلال بالعلم الطبيعي عليه، ولا أعلم كتابا أجدى على طالب الفلسفة منه فإنه يعرف بالمعاني المشتركة لجميع العلوم والمعاني المختصة بعلم علم منها، ولا سبيل إلى فهم معاني قاطيغورياس وكيف الأوائل الموضوعة لجميع العلوم إلا منه. ا.ه. كلام ابن أبي أصيبعة.
ومن كتبه كتاب في الآداب اسمه «السيرة الفاضلة». وكتاب في السياسة اسمه «السياسة المدينية». قال مؤرخو العرب عنهما إن الفارابي ألم فيهما بمعظم الآراء النافعة فيما وراء الطبيعة حسبما علمها أرسطو، وذكر «الستة أركان المجردة» واصفا ما تستنبطه المادة الكثيفة من تلك الأركان من الترتيب وطريقة الوصول إلى العلم. وهاك نص كلام القفطي:
ثم له بعد هذا في العلم الإلهي وفي العلم المدني كتابان لا نظير لهما، أحدهما المعروف «بالسياسة المدينية»، والآخر المعروف «بالسيرة الفاضلة». عرف فيهما بجمل عظيمة من العلم الإلهي على مذهب أرسطوطاليس في مبادئ الستة الروحانية، وكيف يؤخذ عنها الجواهر الجسمانية على ما هي عليه من النظام واتصال الحكمة، وعرف فيها بمراتب الإنسان، وقواه النفسانية وفرق بين الوحي والفلسفة، ووصف أصناف المدن الفاضلة وغير الفاضلة واحتياج المدنية إلى السيرة الملكية والنواميس النبوية.
ثم إنه أتى على العناصر المختلفة المكونة للطبيعة البشرية وخواص النفس وبين الفرق بين الوحي والحكمة ووصف الهيئات المنظمة والجماعات غير المنظمة، وأظهر حاجة المدنية إلى حكومة سياسية وإلى شريعة دينية.
هذا ملخص ما ورد في عيون الأنباء وأخبار الحكماء لابن أبي أصيبعة والقفطي، ولا شك عندنا الآن في أنهما يقصدان بكتاب السياسة المدينية كتاب «المدينة الفاضلة»، وقد يكون الفارابي وضع له اسمين كعادته في بعض مؤلفاته. فإن كتاب السياسة يسمى أيضا كتاب الموجودات.
أما مبادئ الموجودات الستة أو «الستة أركان المجردة» أو «مبادئ الستة الروحانية» فهي: (1)
المبدأ الإلهي أو السبب الأول وهو فرد أي واحد لا يتعدد. (2)
صفحة غير معروفة