التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

أحمد فؤاد الأهواني ت. 1390 هجري
150

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

تصانيف

5

أما اشتراط حصول المعلم على إجازة لتعليم القرآن، فإنما جاء بعد العصر الذي عاش فيه القابسي، أي بعد القرن الرابع، وهو دليل على شعور المجتمع بوجود كثير من المعلمين غير أهل للقيام بالتدريس.

ثم تطورت الأحوال إلى ما هو أبعد من ذلك، نعني: «اعتياد مشايخ القراء من امتناعهم عن الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها، وهذا لا يجوز إجماعا ... وليست الإجازة مما يقابل بالمال ، فلا يجوز أخذه عنها ولا الأجرة عليها.»

6

فالشخصية العلمية على النحو الذي ذكره القابسي، أقلها أن يكون صاحبها حافظا للقرآن عارفا بالخط والكتابة، وترتفع شخصيته مع تزود المعلم بعلوم العربية والنحو والشعر.

وشخصية المعلم الدينية لا شك فيها؛ لأنه يحمل القرآن وهو أصل الدين. والمعلم يقيم الصلاة ويعلمها الصبيان، وهو على مذهب أهل السنة، ولا مطعن في دينه من هذه الناحية خصوصا من جهة الجمهور.

وشخصية المعلم الخلقية مستمدة إلى حد كبير من شخصيته الدينية؛ لأن من يحفظ القرآن ويقيم شعائر الدين أقرب من غيره إلى العمل الصالح. (2) عيوب المعلمين

على أن القابسي لم ينص على رذائل في أخلاق المعلمين طالب بإصلاحها. إنما ذكر الواجب على المعلم، وضرورة انصرافه إلى عمله، وعدم الانشغال عن تعليم الصبيان بأي شيء من الأشياء؛ لأنه يتناول أجرا عن عمله، فلا بد له من وفاء ما استؤجر عليه. ومن واجب المعلم أيضا ألا يطلب فوق أجرته من الصبيان شيئا كهدية أو طعام.

وسنفصل الأحوال المختلفة التي ذكرها القابسي عن المعلمين في انشغالهم عن التعليم، وفي طلبهم الهدايا، ومنها يتبين أن النقائص الخلقية التي قد تقع من بعض المعلمين إنما ترجع لأسباب مادية.

والقابسي يعتبرها من النقائص؛ لأنه قرر أن يتناول المعلم الأجر على التعليم، فالتطلع إلى ما هو أكثر من الأجر المشترط عليه إسراف في الطمع، وإخلال بالعقد.

صفحة غير معروفة