وتستر: ششتر، ومثل ما يقولون: تدمر بضم التاء وهي بالفتح، فلذلك احتجنا إلى ضبط الأسماء وذكرنا في الهامش من فوق وتحت كلاما على ذلك الإقليم وتحديده وذكر بعض مسافاته ونحو ذلك.
وأما ترتيب الأماكن وتقديم بعضها على بعض في الذكر فإنه أمر لم يتهيأ لنا فيه ترتيب يرضينا، فتبعنا فيه ابن حوقل، وابتدأنا بجزيرة العرب؛ لكون بيت الله الحرام وقبر نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام فيها.
وأما الأطوال المذكورة في هذا الكتاب فهي من ساحل البحر الغربي وهو ينقص عشر درج عن الأطوال من الجزائر الخالدات، والعروض من خط الاستواء ليس إلا، ويساوي عرض البلد ارتفاع القطب، وينبغي أن تعلم أن بعض الأماكن لم يقع لنا طولها ولا عرضها، وربما يقع لنا بعدها في الغرب أو الشرق أو الشمال أو الجنوب عن أماكن معروفة العرض والطول وإذا وقع لنا ذلك قربنا فيها، واستخرجنا عرضها وطولها بالتقريب، فإننا كما أخذنا للدرجة اثنين وعشرين فرسخا وتسعين على رأي المتقدمين، أو تسعة عشر فرسخا تنقص تسعا على رأي المتأخرين، حسبما تقدم ذكره عند ذكر مساحة الأقاليم.
كذلك يمكننا أن نستخرج من المسافة الدرجة برد الفراسخ إلى الدرج، وكذلك نستخرج من سير السائر بحسب المراحل والأيام الفراسخ، فإن الفقهاء قدروا لستة عشر فرسخا مسيرة يومين، فكل ثمانية فراسخ مسيرة يوم بالسير الوسط، فكل يومين ونصف عشرون فرسخا، وقد ذكر البيروني أن تعريجات الطرق والتواءها بحسب الجبال والوعر وغير ذلك يكون الخمس بالتقريب، فإذا كان بين البلدين خمسون فرسخا بحسب سير السائر فيكون على خط مستقيم أربعين فرسخا، وعلى ذلك استخرجنا أطوال أماكن عدة وعروضها بأن استخرجنا من مسافة الأيام الفراسخ، ومن الفراسخ الدرج، وكل ذلك بالتقريب لا بالتحقيق، وينبغي أن تعلم أن غالب ما ذكر من أطوال
صفحة ٧٩