البلاد وعروضها غير صحيح، وفيه غلط كثير، وقد نص ذلك أبو الريحان البيروني قال:
ولم يتهيأ لي تصحيحها جمعيها، وقد صححت ما أمكن منها ونحن قد نقلنا ما وصل إلينا مما قيل في ذلك مع علمنا بعدم صحته؛ لأن معرفة هذه الأماكن بالتقريب خير من الجهل بها بالكلية، ومما يدل على عدم صحة ما ذكروه من الأطوال والعروض أن منذ أبي الريحان وهو الأستاذ في هذا الفن ذكر في القانون لدمشق وسلمية عرضا واحدا، مع قطعنا بعد صحة ذلك؛ لأن سلمية في جهة الشمال عن دمشق بأكثر من درجة، وربما تجد في كتابنا هذا طول بلد بعينه مختلفا، وكذلك عرضه والعذر فيه أنني نقلت الأطوال والعروض من:
" القانون" للبيروني، ومن كتاب" الأطوال والعروض" للفرس، ومن كتاب ابن سعيد المغربي، ومن كتاب" رسم الربع المعمور" وهو كتاب نقل من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية وعرب للمأمون، وهذه هي الكتب المعتمد عليها في هذا الفن وقلما تتفق هذه الكتب على عرض مكان بعينه أو طوله بل لا بد من الاختلاف فيها، وقد نقلنا نحن من مجموع هذه الكتب وهي غير متفقة فحصل في كتابنا اختلاف في الأطوال والعروض فالعذر فيه ما شرحناه.
الكلام على تحديد الأقاليم العرفية:
اعلم أن الأمر في تحديد الأقاليم العرفية لا يجري كما يجري في تحديد الدار أو البستان ونحوهما؛ لأن غالب الدور والبساتين تكون قطعا مربعة أو متساوية الجوانب، وليس الأمر في الأقاليم العرفية كذلك، فإن بعض جوانبها يكون مداخلا لإقليم آخر وبعضها يكون فيه تقويس، وبعض جوانبها أعرض من الجانب الآخر، والذي يحدد المكان إنما يحدده بالجهات الأربع: وهي الشرق والغرب والجنوب والشمال، وذلك لا يصفو في الأقاليم العرفية لما ذكرناه، ولو كانت الأقاليم قطعا مربعة أو متساوية الجوانب لأمكن فيها ذلك فينبغي أن تعرف العذر في التقصير في تحديدها لا سيما عند من لم يشاهدها، وإنما نقلها من الأوراق وأفواه الرجال؛ فإن عذره في
صفحة ٨٠