84

============================================================

الهيد شح معالمر العدل والتوحيل الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يشلبهم الذباب شييا لا يستنقذوه منه)(1). إلى آخر الآية، وقوله تعالى: (والذين تذعون من دونه ما يملكون من قطمير)(2). إلى غيرها من الآي في شأنهم، وذلك لأن العلم الضروري حاصل بأن الصورة المركبة من الخشب أو النحاس أو الصخر التي يؤلفها الصانع ويضم بعضها إلى بعض يستحيل أن تكون هي الموجدة للأشخاص والمؤثرة في وجود العالم وخالقة للسماوات والأرض ورازقة للخلق، والعلم بفساد ذلك هو من أجل العلوم الضرورية، والجمع العظيم لا يجوز اتفاقهم على ما يعلم فساده بالضرورة، فلعل منشأ الزلل لهم في عبادتها لأسباب عارضة وهي خمسة: أولها أنهم كانوا يعيدون الكواكب وكانوا يعتقدون فيها آنها أحياء ناطقة عالمة، فلما رأوها تخفى بالنهار ويعرض لها في أوقات الليل ما يسترهم عن إدراكها بالغيوم اتخذوا لكل واحد من تلك الكواكب هيكلا؛ ليرونه في كل وقت، فجعلوا لهم أصناما على عدد الكواكب السبعة يعبدونها ويتقربون إليها لا على أن المعبود هو ذلك الهيكل بل الكوكب الحاصل فيه.

وثانيها أنهم كانوا يعتقدون في بعض الرجال النبوة والولاية ونيل الزلفة عند الله تعالى، فبعد موتهم فاتخذوا على شكل صورهم أصناما وعبدوها وتقربوا إليها؛ ليكون أولئك الأشخاص شفعاء عند الله لهم وثالثها أن معتقدهم في الله تعالى أنه جسم وله صورة كأحسن الصور وأن له ملائكة لهم كمال وحسن والله تعالى وملائكته محتجبون بالسماء، فدعاهم ذلك إلى أن يتخذوا أصناما على صورة الله وصور ملائكته فعبدوها وقربوا لها القرابين واعتقدوا نفعها.

1 - سورة الحج: آية 73.

2- سورة فاطر: آية 13.

صفحة ٨٤