============================================================
الشهيد شح معالم العدل والترحيد فبتقدير التسليم لا يلزم من كونه أجلى منه ألا يكون هو جليا، وذلك لأن العلوم الضرورية متفاوتة في الجلاء، كما أن العلوم النظرية متفاوتة في الخفاء، وكما أن التفاوت في النظريات لا يخرجها عن كونها نظرية، فكذلك التفاوت في الضروريات لا يخرجها عن أن تكون ضرورية. قوله: إن جمعا من العقلاء التزموا وقوع الممكن لا عن سبب، ولو كان فساد ذلك ضروريا لما قالوا به. قلنا: إنهم لم يلتزموا ذلك، بل غاية الأمر أن ذلك صار لازما لهم على مذاهبهم، ولكن ليس كل ما صار لازما يجب أن يلتزمه صاحب ذلك المذهب، والاشكال انما يجيء من التزام ما يناقض القضايا الضرورية لا من لزومه، ولهذا فإنهم متى ألزموا ال وقوع الممكن لا عن سبب يحتالون في دفع ذلك عنهم ولا يعترفون بالتزامه، ويجيبون عنه سواء كانت أجوبتهم ضعيفة أو قوية، وذلك يدل على أن العلم به ضروري: فأما العذر عن الصورة الأولى وهي أن العالم يخصص حدوثه بوقت دون غيره فقد أجبنا عنه فيما سلف، وأما العذر في الصورة الثانية لأصحاب أبي هاشم فإنهم ما أوجبوا وقوع الممكن لا عن سبب، بل قالوا: إن أصل القادرية مؤثرة في صحة الفعل وضده، ومع ذلك فلا يمتنع أن تكون القادرية هي التي أثرت في وقوع أحد الضدين دون الآخر فقد أوجبوا أصل المرجح وهو القادر، وقالوا: إنها كافية في حصول أحد الضدين دون الآخر من غير حاجة إلى أمر آخر. قوله: وإن ادعيتم النظر فهو فاسد بالهارب من السبع، فإنه يختار أ حد الطريقين لا لمرجح. قلنا: منهم من منع ذلك وقال: لا بل لا بد من مرجح، وإن لم يشعر به من نفسه. ومنهم من سلم أنه لا يفتقر إلى مرجح وادعى العلم الضروري بالفرق بين القادر وسائر الممكنات، وهم أصحاب أبي هاشم، فثبت بما ذكرنا حاجة كل الممكنات إلى الأسباب.
القول في أنه تعالى موجود وأنه لا أول لوجوده أما أنه تعالى موجود فاعلم أن للناس في الموجود مذهبين:
صفحة ٧٣