ولانقباض الحار الغريزى وقت الطبخ عن آلات الحواس سبب اخر ايضا، وذلك ان النفس لما كانت واحدة من جهة كثيرة من جهة، كان لها فى هذه القوى تصرف ما بمجموعها. فاذا اهمها فعل من افعال النفس، صرفت الآلات المستعملت فى غير ذلك الفعل الى ذلك الفعل، لتقوى بذلك على ذلك الفعل المقصود لها، فلذلك ينصرف الحار الغريزى وقت انضاج الغذاء الى فعل القوة الغاذية. وذلك انما يكون فى الموضع الذى فيه فعلها وذلك هو داخل البدن. وهذا هو احد الاسباب التى يحدث النوم من اجلها عن التعب، فان لذلك سببين. احدهما من جنس هذا، وذلك ان الحار الغريزى اذا تبرد وقل من جهة الحركة، اعنى الحركة فى المكان وحركة الادراك، اعنى الحس، اتحركت به النفس نحو عمق البدن لتفعل به فى ما هنالك من بقايا الغذاء الاخير، ليتوفر جوهره ويخلف به بدل ما تحلل بالحركة. والسبب الثانى، ان الحركة، اذا بردت الحار الغريزى، برد وقل وثقل لموضع البرد، والم فانقبض الى مبدئه ليدفع عن نفسه المزاج العارض.
صفحة ٦٤