واصناف الطعوم انما تختلف لاختلاف هذين الشيئين فى القلة والكثرة. فالحلاوة منسوبة الى الحرارة والرطوبة، فالمرارة منسوبة الى الحرارة واليبوسة بالاضافة الى رطوبة الحلاوة. وما بين هذه الطعوم متولدة عن هذين الطعمين، كما تتولد الالوان عن الابيض والاسود. فاما الروائح فيظهر من امرها ان هيوليها هو الطعم المتولد عن مخالطة اليبوسة للرطوبة. ولذلك انه يظهر بالاستقراء ان كل ما له رائحة فله طعم؛ الا ان الروائح لما كانت من جنس الابخرة الدخانية، وبهذه الجهة كان الهواء حاملا لها، كانت منسوبة الى اليبوسة والحرارة المتولدة عن اليبوسة المختلطة بالرطوبة ذات الطعم من جهة ما هى ذات طعم. وقد يشهد ان طبيعة المشمومات هى طبيعة الدخان ان كثيرا من الاشياء ليست لها رائحة، فاذا ادنيت من النار كانت لها رائحة، وبهذه الجهة كان الانسان له خاصة فى ادراك روائح الاشياء بالعرك باليد؛ وذلك ان هذه الآلة لحرارتها ويبسها من شانها ان تثير هذا الجوهر من الشىء ذى الطعم. ولذلك يشبه ان يكون الانسان اجود تفصيلا فى ادراك فصول محسوسات الشم من سائر الحيوان، وكثير من سائر الحيوان اقوى منه ادراكا للروائح على البعد.
صفحة ٢٠