فجعل به سقاية نقرا فى الحجر، ولمّا كان زمن الغلاء فى سنة أربع وتسعين وستمائة (^١)، قام بفقراء أسوان وأعطى الغلال حتّى نفدت، ثمّ الثّمار حتى فرغت، ثمّ ذبح النّعم حتّى خرج الغلاء، وله ولأولاده بأسوان آثار جميله، وأوقاف على وجوه البرّ [جزيله].
أخبرنى الشيخ الخطيب ضياء الدّين منتصر (^٢) بن الحسن الأدفوىّ- ممّا يرويه- أنّه لمّا أرسل السلطان جيشا إلى كنز (^٣) الدّولة وأصحابه ونزحوا عن البلاد، دخلوا بيوتهم فوجدوا بها قصائد فى مدحهم، منها قصيدة أبى محمد الحسن (^٤) بن الزّبير، التى منها فى المدح قوله:
وينجده إن خانه الدّهر أو سطا … أناس إذا ما أنجد الذلّ أتهموا
/ أجاروا فما تحت الكواكب خائف … وجادوا (^٥) فما فوق البسيطة معدم
فقال: وما عند هذا البدوىّ يجازى به على هذه القصيدة؟ فوجد فيها أنّه أجازه [عليها] بألف دينار، وأخبرت بأسوان أنّه أوقف عليه ساقية تساوى ألف دينار، وأنّها وقف عليهم إلى الآن.
_________
(^١) انظر فيما يتعلق بهذا الغلاء: المقريزى: كشف الغمة/ ١٤، والسلوك ١/ ٨١٠، وانظر أيضا: النجوم ٨/ ٥٧.
(^٢) ستاتى ترجمته فى الطالع.
(^٣) فى سنة ٥٧٠ هـ جمع كنز الدولة أهل أسوان العرب والسودان، وقصد القاهرة، يريد إعادة الدولة الفاطمية، وأنفق فى جموعه أموالا كثيرة، فأرسل إليه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب جيشا كثيفا بقيادة أخيه الملك العادل، فقتله وبدد جموعه، انظر فيما يتعلق بهذه الواقعة: كامل ابن الأثير ١١/ ١٥٦، والروضتين ١/ ٢٣٥، ومختصر أبى الفداء ٣/ ٥٦، والبداية ١٢/ ٢٨٧، والسلوك ١/ ٥٧، وخطط المقريزى ١/ ١٩٨، والنجوم ٦/ ٧٨، وقد انفرد ابن تغرى بردى بتأريخ هذه الواقعة بعام ٥٧٢ هـ، وانظر أيضا: الأخبار السنية/ ١٢٠.
(^٤) هو الحسن بن على بن إبراهيم، وستأتى ترجمته فى الطالع.
(^٥) كذا فى س، وفى ز: «أجازوا»، ورواية المقريزى: «وجارا»، انظر:
الخطط ١/ ١٩٨.
1 / 31