ولما قيل لداود ملك النّوبة إنّه يحضر إلى أسوان يتملّكها فما قدّامه من يردّه، حضر وحاصرها، فخرج له نجم الدّين عمر المذكور وحده بغير سلاح، سوى دبّوس فى يده، وما زال يضرب به حتى قارب الملك [وكثروا عليه]، فردّ ودخل البلد، فغلب داود ورجع خائبا.
وكان بها القضاة: المفضّل وبنوه، أهل علم وكرم، ورياسة وحشم، ولهم فى المناصب الدّينية رسوخ قدم؛ حكى لى الخطيب منتصر المذكور أنّه وصل فى وقت «مباشر» إلى أسوان، وأنّه لما كان فى زمن الرّطب (^١)، بلغ القاضى المفضّل (^٢) أنّ غلام «المباشر» طلب من السوق رطبا يشتريه، فأرسل إليه وقال: من حين وصل مولانا، قلت للوكيل بالبقعة الفلانية أن يحمل بسرها وتمرها وعجوتها إلى سيّدنا، فسيّدنا يرسل يأخذ ذلك.
وأخبرنى أيضا أنّه لمّا كتب تقليده بالحكم وأرسل صحبة (^٣) شخص، أعطى ذلك الشخص (^٤) جملة، وأوسق له «قيّاسة» هديّة، وكان ابنه شمس الدّين (^٥) عمر مشهورا بالفضائل، معروفا بالمعروف والمكارم.
ونخيلها تشقّ المركب فيها (^٦) مسيرة يومين، وبأسوان حجارة صوّان، ذكر ابن سعيد أنّ عمود السّوارى الذى بالإسكندرية منها، وبها حجارة سود تشبه القار، يحسبها الإنسان جبال قار، وبها جبل يسمّى جبل القند، يحسبه الرائى قندا (^٧)،
_________
(^١) فى ز: «وأنه لما كان زمن الرطب» بإسقاط حرف الجر.
(^٢) هو عبد العزيز بن الحسين، وستأتى ترجمته فى الطالع.
(^٣) فى د: «وأرسل صحبته».
(^٤) فى ح: «أعطى ذلك لشخص حمله وأرسل له».
(^٥) ستأتى ترجمته فى الطالع.
(^٦) فى د: «بينها»، وفى ا وب: «فيه».
(^٧) القند والقندة والقنديد: عسل قصب السكر إذا جمد، والقنديد أيضا: الورس والخمر والعنبر والكافور والمسك: انظر: القاموس ١/ ٣٣٠.
1 / 32