============================================================
اخبار عمر بن آبى رييمة
إنا نضرب إليك أ كباد المطى من أقاصى البلاد نسالك عن الحلال والحرام ، وتتثاقل عنا ، ويأتيك مترف من مثرفى قريش فينشدك : رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيخزى وأما بالعشى فيخسر فقال : ليس هكذا . قال : فكيف قال ؟ قال : رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشى (1) فيخصر فقال : ما أراك إلا قد حفظت . قال : أجل، وإن شئت أن آنشدك القصيدة أنشدتك إياها . قال : فإنى أشاء . فأنشده القصيدة حتى أى على آخرها .
وفى رواية : أن ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها ، ومن آخرها إلى أولها مقلوبة، وما سمعها قط إلا تلك المرة صفح (2) . وهذا غاية الذكاء .
فقال له بعضهم : ما رأيت أذكى منك ! قال : لكنى لم أر أذكى من أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضى الله عنه .
وكان ابن عباس يقول : ما سمعت شييا قط إلا رويته، وإنى لأسمع صوت النائحة فأسد أذنى كراهية أن أحفظ ما تقول .
ولامه بعضهم فى حفظه هذه القصيدة فقال : إنا نستجيدها . وكان بعد ذلك كثيرا ما يقول : هل أحدث هذا المغيرى شيئا بعدنا ؟
وفى رواية : ثم أقبل ابن عباس على ابن أبى رييعة فقال : أنشدنا . فأنشد : تشط غدأ دار جيراننا * ثم سكت . فقال ابن عتاس : وللدار بعد غد أبعد*
(1) يضحى : يظهر للشس وعارضت، أى قابلت . يريد : عارضته . ويخصر: يبرد، (2) صفحا، آى مرورا
صفحة ٤٦