/ص64/ وكونه أميا لا يكتب ولا يقرأ، وذلك أن المعرفة بأن النبي _ صلى الله عليه وسلم_ أمي، حصلت لمن خالفه من الأمم التي احتج عليهم بذلك من وجهين: أحدهما: من نشأ معه من قريش، الذين نشأوا معه من الصغر إلى الكبر، لم يفارقوه، بل كانوا معه في المجاورة والمساكنة والمداخلة والمباطنة بمنزلة الانسان من أخيه الذي ينشأ معه، فلا يخفى عليه شيء من حاله. فعرفوا بذلك أنه لا يكتب ولا يقرأ معرفة ضرورية لا يدخلها شك ولا ريب. كما يعرف الرجل منا في ذلك حال أخيه وابنه وأبيه وقريبه، المداخل له، المباطن لأمره. هؤلاء عرفوا بذلك من حاله، الي أن آمن منهم العدد الكثير، والجم الغفير، الذين لا يجوز عليهم التواطؤ ولا التشاعر، ثم لم يفارقوه إلى أن كانوا معه على ذلك يوم الحديبية. وطائفة أخرى عرفوا بذلك من جهة هؤلاء واخبارهم لهم بذلك من حاله_ اخبارا متواترا (¬1). /ص65/ يوجب العلم (¬2) ويقطع العذر، ثم كانوا معه على ذلك يوم الحديبية، وهم عدد كثير يقع العلم بخبر طائفة منهم، فكيف بخبر جميعهم؟. ولو لم يعلم أنه أمي_ لا يكتب ولا يقرأ_ إلا بقوله: - لما كان في ذلك حجة له على_ من خالفه، لجاز_ أن يقولوا له من أول ما بعث وادعى أنه يقرأ من غير تعليم_ نحن لا نعلم ذلك من حالك، بل يجوز أنك أنفقت عمرك في تعلم القراءة والكتابة والتدرب.
صفحة ٤٣