أميا بالمعجز /ص22/ وإذ قدمنا ذلك (¬1)، فالواجب أن نبين "وجه تعلق" (¬2) كون النبي صلى الله عليه وسلم أميا بمعجزاته. وذلك أن كونه أميا بمجرده لا تعلق له بالاعجاز، لأن الأميين في زمنه وفي كل زمن عدد لا يحصى، وهم أكثر من غيرهم، ولم يكن ذلك معجزا لهم. ولو ادعى مدع رسالة وقال: آية ذلك أني أمي، لقال له عشرة آلاف (¬3) من الناس: نحن كلنا هذه الصفة، وهي دليل على كذبك. وأيضا فإن كونه أميا صفة متقدمة من صفاته، وقد قلنا: أن من شرط المعجز أن يقارن دعوى الرسالة (¬4)، غير متقدم عليها، وأيضافإن المعجز أمر خارق للعادة (¬5) وليس في كون الإنسان أميا خرق لها. فإذا تبين أنه ليس في مجرد كون الإنسان أميا خرق للعادة، ولا تعلق بالإعجاز،فإن الواجب أن ينظر إلى المعاني التي يقدر عليها الأمي في مستقر العادة، فإذا جعلها الله للأمي المدعي للرسالة وأقدره عليها كان ذلك دليلا على صدقه، وكان الإعجاز في اقراره على ما يتقرر على الأميين غيره، لا في كون أميا.
صفحة ١٤