300

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

تصانيف

حتى تحزن عليهم وانما انت منذر.

[6.108]

{ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله } عائد الموصول محذوف وفاعل يدعون راجع الى المشركين، والمقصود منه لا تسبوا الذين يدعوهم المنحرفون عن على (ع) ممن نصبوه اماما لهم حال كونهم بعضا من غير الله، وهذا النهى جار للمؤمنين الى انقراض العالم، او العائد فاعل يدعون ومفعوله محذوف، او من التبعيضية قائمة مقام المفعول { فيسبوا الله } اى يسبوا عليا (ع) فانه مظهر الله وسبه سب الله وسب الله لا يتصور الا فى مظاهره { عدوا } ظلما لعلى (ع) او تجاوزا عن الحق فى سب على (ع) { بغير علم } منهم انه مظهر الله ونقل عن الصادق (ع) انه سئل عن هذه الآية فقال: ارأيت احدا يسب الله؟ - فقيل: لا وكيف؟ - قال: من سب ولى الله فقد سب الله، وقد ورد عنهم بهذا المضمون اخبار كثيرة، وما ذكرنا كان خلاصة المقصود ولا يخفى التعميم لكل مشرك ومدعو غير الله ولكل نبى (ع) ووصى (ع) ولكل مؤمن { كذلك } مثل ارتضاء كل منكم ما تدعونه وعدم ارتضاء ما يدعوه غيره { زينا } من لدن آدم (ع) { لكل أمة } فرقة من الفرق المختلفة المحقة والمبطلة { عملهم } وقد سبق عند قوله تعالى، قل كل من عند الله، ان الفاعل فى الوجود مطلقا هو الحق تعالى وليس من الموجودات سوى الاستعداد والقبول وان فعله تعالى اما بلا واسطة او بوسائط وان مظاهر قهره تعالى من جملة وسائطه وان الشيطان من مظاهر قهره فصح نسبة التزيين اليه تعالى فى الاعمال السيئة والى الشيطان لانه المباشر القريب والى القوابل نحو نسبة الشيء الى القابل { ثم إلى ربهم مرجعهم } قد سبق ان الرب المضاف هو الولاية المطلقة وان مظهره الاتم على (ع) وان رجوع الكل الى الولاية التى هى فعله تعالى وظهوره لا الى الغيب المطلق فانه لا راجع هناك ولا رجوع { فينبئهم بما كانوا يعملون } من خير وشر.

[6.109]

{ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جآءتهم آية } مما اقترحوا { ليؤمنن بها } اى ليذعنن بالآية الجائية وانها من الله او ليؤمنن بمحمد (ص) بسبب تلك الآية وهذا حكاية قولهم الكاسد الناشى من تمحلات النفس فانها كالمرأة الخبيثة تكون دائمة فى الاعذار الفاسدة والفرار من قبول حكم الازواج واتهام غيرها بمأثمها { قل } يا محمد (ص) لهم او للمؤمنين الطامعين فى ايمانهم الطالبين منك الاتيان بمقترحاتهم { إنما الآيات عند الله } وليست عندى وباختيارى { وما يشعركم } ما استفهامية للاستفهام الانكارى والخطاب للمؤمنين الطالبين للاتيان بمقترحاتهم حرصا على ايمانهم، او للكافرين المقسمين بطريق الالتفات من الغيبة الى الخطاب، او ما نافية وفاعل يشعركم ضمير راجع الى الله وهو عطف على انما الآيات، او حال معمول لعند الله ومن جملة مقول القول، او عطف على اقسموا، او حال معمول لاقسموا ومن قول الله { أنهآ إذا جآءت } قرئ بفتح همزة ان معمولة مع ما بعدها ليشعركم بلا واسطة حرف، او بتقدير الباء او هى بمعنى لعل وقرئ بكسر الهمزة فتكون مستأنفة { لا يؤمنون } قرئ بالغيبة وبالخطاب ولفظة لا زائدة او اصلية.

[6.110]

{ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } عطف على لا يؤمنون عطف السبب على المسبب او عطف المسبب على السبب، والفؤاد يطلق على القلب اللحمانى وعلى النفس الانسانية وعلى اللطيفة السياره الانسانية وعلى القلب الذى هو مرتبة من مراتب الانسان وعلى الجهة الروحانية من الانسان اذا علمت ذلك، فاعلم، ان روحانية الانسان اى قلبه كبدنه خلق مستوى القامة رأسه من فوق وتقليبه عبارة عن تعلقه بمشتهيات الحيوان واستقامته عبارة عن تعلقه بما اقتضته انسانية الانسان، واستقامة الابصار عبارة عن ادراك ما يوافق الآخرة من كل ما يدركه البصر او البصيرة، وتقليبها سبب لادراك مقتضيات الحيوان والاحتجاب عن الاعتبار بالمدركات { كما لم يؤمنوا به } اى بما انزل من الآيات او بالقرآن او بالنبى (ص) { أول مرة } اى قبل اقتراحهم، او اول مرة نزول الآية او فى عالم الذر او اول الدعوة { ونذرهم في طغيانهم } متعلق بنذرهم او بقوله { يعمهون } اى يترددون فى الضلال ويتحيرون، قرئ نقلب ونذرهم بالتكلم وبالغيبة وقرئ تقلب مبنيا للمفعول بتاء التأنيث.

[6.111]

{ ولو أننا نزلنآ إليهم الملائكة } رد لاقتراحاتهم وردع للرسول (ص) وللمؤمنين عن ارادة الاتيان بشيء منها فانهم كما نقل قالوا يا محمد (ص) كان للانبياء الماضين آيات، فقال: اى شيء تحبون منها ان آتيكم به؟ - فقالوا: اجعل لنا الصفا ذهبا، وابعث لنا بعض موتانا نسألهم عنك، وأرنا الملائكة يشهدون لك، او ائتنا بالله والملائكة قبيلا، وسأل المسلمون الرسول (ص) ان يأتى لهم، فأراد الرسول (ص) ان يجيبهم فنزل جبرئيل (ع) وقال: ان سألت اجبت ولكن ان لم يؤمنوا عذبتهم وان شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم، فقال رسول الله (ص)

" بل يتوب تائبهم "

صفحة غير معروفة