تفسير العثيمين: الشورى
الناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
لو قال قائلٌ: إنه عامٌّ خُصِّصَ. قلنا: لا؛ لأنَّه لم يُرِدِ العمومُ من الأصلِ، إنما أُريدَ الخصوصُ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾.
فإن قال قائلٌ: ما الفَرْقُ بين العامِّ الذي أُريدَ به الخصوصُ وبيْنَ العامِّ المخصوصِ؟
فالجواب: أي العامُّ المخصوصُ هو الذي أُريدَ عمومُهُ أولًا، ثم أُخْرِجَ بعضُ أفرادِه، مثلَ أن تقولَ: قام القومُ إلا زيدٌ والعامَّ المخصوصُ الذي أُرِيدَ به الخصوصُ لم يُرَدْ عمومُهُ أصلًا، ودلالتُهُ عقليَّةٌ دلالةُ العامِّ المخصوصِ عقليَّةٌ فمثلًا ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ هل هم كُلُّ الناسِ؟ هل يَفهمُ أحدٌ من هذه الكلمةِ أن جميعَ الناسِ قالوا أصلًا؟ الجواب: لا يَفْهَمُ: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾.
ولهذا قال المُفسِّر ﵀: [من المؤمنين].
وقوله: ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (ألا) أداةُ استفتاحٍ تبتدِئُ بها الجملةُ، وتفيدُ شيئيْن: الأولُ: التنبيهَ، والثاني: التوكيدُ.
فقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ (إنَّ) حرفُ توكيدٍ، هو ضميرُ فصلٍ، وضميرُ الفصلِ يفيدُ التوكيدَ، وحينئذٍ يحقُّ لنا أن نقول: إن هذه الجملة أُكِّدَتْ بثلاثةِ مؤكِّداتٍ: (ألا)، و(إن)، و(هو) الذي هو ضميرُ الفصلِ: ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾؛ ولذلك طَلَبَتِ الملائكةُ منه المغفرةَ؛ لأَنَّه ﷾ أهلٌ لذلك، كما قال تعالى: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدَّثر: ٥٦]، ﴿أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ فبمغفرتِهِ تزولُ المكروهاتُ وبرحمتِهِ تحصلُ المحبوباتُ، غفر اللهُ لنا ولكم.
1 / 43