هذا الاعتبار في المفرد فهذه أقسام المزاج وهى مائة وأربعة لم نسبق إلى تحريرها إذ لم يصرحوا بأكثر من سبعة عشر فتأمله وبرهان التحليل أعنى التقطير والتركيب برد الانسان إلى الحيوان وهو إلى النبات وهو إلى الكيفيات شاهد بتفاضل الأنواع كالانسان والفرس وبعضه والأصناف كتركي وهندي وهنديين والاشخاص كزيد وعمرو وزيد في نفسه والأعضاء كقلب ودماغ وأحدهما في نفسه وأن الأعدل أهل خط الاستواء في الأصح فالإقليم الرابع وفى الأعضاء أنملة السبابة فما يليه تدريجا والآخر الخلط الحار وهو عضو بالقوة القريبة وكذا في الثلاثة فما ينشأ عن كل على اختلاف رتبته وسيأتى في مواضعه (وثالثها) الخلط وهو جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولا ورطوباته ثمانية نطفية تبقى من المنى الأصلي وعضوية مبثوثة كالطل تدفع اليبس الأصلي وعرقية تكون من الغذاء الطارئ وأخرى من الأصلي، وأربعة تتولد من المتناولات وهى المعروفة بالاخلاط عند الاطلاق وأفضلها الدم لأنه الذي يخلف المتحلل وينمى ويصلح الألوان ومنه طبيعي وهو الأحمر الطيب الرائحة الحلو بالقياس إلى باقي الاخلاط المعتدل المشرق، وقيل الطبيعي ما تولد في الكبد فقط وفيه نظر وغيره مفضول وينقسم باعتبار تغييره في نفسه وغيره إلى أربعة أقسام وقل في كل خلط كذلك. ويليه (البلغم) عند الأكثرين لقربه منه وتنمية الأعضاء وانقلابه دما إذا احتاجه، ورده في الشافي بأن الأعضاء باردة لا تقدر على قلبه دما وبأنه لو تولد الدم في غير الكبد لكان وجودها عبثا، وأجاب عن الأول بأن الأعضاء باردة بالنسبة إلى الكبد وإلا ففيها حرارة وعن الثاني بأن الكبد هي التي هيأت البلغم في رتبة تقدر الأعضاء على إحالته ولو ورد عليها غذاء بعيد لم تقدر على قلبه، وبأن التواليد في سوى الكبد نادر وإن جاز لم تنتف حاجتها اه ولعمرى إنه أجاد فالخلطان المذكوران رطبان إلا أن الأول حار والثاني بارد وخلقا بلا مفرغة لاحتياج كل عضو في كل وقت إليهما والطبيعي من البلغم حلو حال الانفصال، تفه إذا فارق برهة، وما قيل إن المراد بالحلاوة التفاهة والعكس سهو، وغير الطبيعي إن تغير بنفسه فهو التفه وغليظه النخام ورقيقه الماسخ ويقسم من حيث القوام فقط فالرقيق مخاطي والغليظ جصي إن اشتد بياضه وإلا فزجاجي أو بأحد الاخلاط فيقسم في الطعم لا غير فالمتغير بالدم حلو والصفراء مالح والسوداء حامض. وتليه (الصفراء) والطبيعي منها أحمر ناصع عند المفارقة أصفر بعدها خفيف حاد، وفائدته أن ينفصل أقله وألطفه يلزم الدم للتغذية والتلطيف وأكثره ينحدر لغسل الثفل واللزوجات والتنبيه على القيام وهو أحر من السابق في الأصح وغير الطبيعي محى إن تغير بالبلغم كراثي إن تغير بالسوداء ولم يبلغ احتراقه الغاية فان بلغ الغاية فز نجاري ولا اسم للباقي. ويليها (السوداء) وطبيعيها الراسب كالدردي للدم إذ لا رسوب للبلغم لغلظه ولا للصفراء للطفها وحركتها، وتقسم إلى ماض مع الدم للتغذية والتغليظ وإلى الطحال لينبه على الشهوة إذا دفعه إلى المعدة وطعمه بين حلاوة وعفوصة وحموضة وغير المحترق وطعمه كالمتغير به من الاخلاط قالوا وخروجه مهلك لاستيعابه البدن ولا يقربه الذباب ويغلى على الأرض وفى الشافي أن البارد اليابس من السوداء هو الطبيعي فقط والحق أنها كغيرها في الحكم على الجملة ومفرغتها الطحال والتي قبلها المرارة وكلاهما يابسان إلا أن هذه باردة وتلك حارة في الغاية وأصل توليد هذه أن الغذاء أولا يهضم بالمضغ وثانيا بالمعدة كيلوسا وينفذ ثفله من المعى إلى المقعدة وصافيه من الماسريقا إلى الكبد فينطبخ ثالثا فما علا صفراء وما رسب سوداء والمتوسط الرقيق دم والغليظ بلغم ويكمل هضمه في العروق وتتفاوت في أكثرية التوليد بحسب المناسب طعاما وسنا وفصلا وبلدا كتناول الشيخ اللبن شتاء في الروم فان الأكثر بلغم قطعا وهل الغاذي للبدن الدم
صفحة ١٠