بين فيه أن أعظم العبادات قراءة القرآن في الصلاة، وإنما كان كذلك لأن الصلاة أفضل الأعمال عند الله وأحبها إليه، لأنها اشتملت على جميع العبادات بالمعنى، ومن فضلها سميت جميع الأعمال بها. قال الله تعالى مخبرا عن قوم شعيب عليه الصلاة والسلام: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} أي أعمالك الصالحة, وذلك أنه كان كثير الصلاة. فحملوا سائر أفعاله على معظمه وهي الصلاة. وقيل أطلق على كل عمل اسم الصلاة تشريفا كما أطلق عليها اسم الإيمان. إذ المعنى في الكل واحد ولأنها عبادة الملائكة، قال الله تعالى: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون} وقال في جميع الخلق: {ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال} وجعلها الله من خصائل إسماعيل فقال: {وكان يأمر أهله بالصلاة} ومن دعوة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} ولا يوصف بالكفر من ترك شيئا من الأعمال الصالحة سواها. قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من ترك الصلاة فقد كفر)) ((وبين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)) ومن امتنع من أداء الزكاة أخذت منه قهرا، ومن امتنع من الوضوء وضيء، ومن امتنع من الصوم حبس في بيت موثقا حال وجوب الإمساك وكل عبادة من حج وزكاة وصيام تسقط عن العبد وتنتقض بأعذار والصلاة ملازمة له في كل حال قائما وقاعدا وعلى جنب وراكبا وماشيا وبالإشارة من غير خلاف بين الأئمة ما دام عقله باقيا.
صفحة ٧٩