الحكام فيه يوطدون سلطانهم بالدماء الغزيرة دون أن يخشوا حسابا ولا عقابا. وفى سقوط النقراشى باشا درس لمن يستفيدون من الدروس القاسية. هذا رجل توالت أخطاؤه وتوالى السكوت عنها، حتى إذا حاول بالدماء أن يطيل أجل حكمه قصم الشعب أجله ونفضت الأيدى من التراب الذى أهالته على الضحايا لتهيل التراب كذلك على نوع من الحكم بغيض. إن النفس البارد الذى حاول إطفاء الشعلة الأولى لا يحمل وزر إخمادها وحدها فحسب، ولكنه يبوء بإثمها وإثم الجماهير التى كانت ستشتعل بها، وإثم الأمة المكبوتة العاطفة التى تريد أن ينفجر مرجلها ليكوى بنيرانه الغاصبين ويدخل الرهبة فى أفئدة المعتدين. وكم أود أن تشعر الحكومات السابقة واللاحقة شعورا له بواعثه الصادقة أن بقاءهم فى الحكم عارية من الشعب، إن شاء سكت عنها فبقوا، وإن شاء استردها فسقطوا، وأن الشعب هو الذى يؤدب حكامه المخطئين وليس هو الذى يتلقى لطمات الجبارين المتسلطين. . ألقاب: كتب السلطان سليمان القانونى- خليفة المسلمين فى عهده- إلى ملك فرنسا الرسالة الآتية، وكان الملك الفرنسى قد أرسل يستنجد به لهزائم أصابته فى حروبه. ونحن نورد مقتطفات من نص الرسالة، ثم نعقب عليها ببيان وجهة نظر الدين فيما جاء فيها. لنطهر الدين من لوثات بعض من حكموا باسمه، فإن الشرق- وأغلب نهضاته على الدين- بحاجة إلى دروس متتابعة فى فقه الحكم وإلزام الحكام حدودهم المشروعة، وهذا بعض ما جاء فى هذه الرسالة: "سلطان السلاطين، وملك الملوك، ومانح الأكاليل لملوك العالم ظل الله على الأرض، باشاده، سلطان البحر الأبيض والأسود، وبلاد الرومللى والأناضول وقرصان وأرزوم وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم ودمشق وحلب ومصر ومكة والمدينة والقدس وسائر بلاد العرب واليمن وإيالات شتى فتحها سلفاؤنا العظام وأجدادنا الفخام بقواتهم الظافرة وكثير من البلاد التى أخضعتها عظمتى الملوكية بسيفى الساطع ص _018
صفحة ١٦