============================================================
مؤلفين متحابين لا يبتغى أحدهما بالآخر بدلا، وان "عين أهله جلس يوما مع أصحاب له يتحادثون فتذاكروا النساء إلى أن وصف أحدهم امرأة بالجمال البارع والظرف الرائع اسمها ما معناه : سيدة الذهب فوقع بقلب عين أهله ميل اليها، فسال الولصف لها عن منزلها فنكر له أنها بقرية غير قرية عين أهله، ففكر عين أهله فى امرها وخامره حبها وطمحت نفسه اليها طموحا شديدا .
لوكان يقال : العقل كالبعل ، والنفس كالزوجة له ، والجسم كالبيت لهما، فاذا كان سلطان العقل على النفس مبسوطا اشتغلت النفس بعصالح الجسم كاشتغال المرأة التى قهرها بعلها بعصالح نفسها وبيتها وولدها فصلحت الجملة، وإذا كان السلطان للنفس على العقل كان سعى النفس فاسدا ونزاعاتها منمومة كفعل المراة التى قهرت بعلها .
قبل : فانطلق عين أهله إلى القرية التى تسكن بها سيدة الذهب ، وطلب منزلها حتى عرفه ، ولم يزل يتردد إليه حتى رآها فرأى منظرا عجيبا ولم تكن احسن من امراته . ولكنه كان يقال : من ضرورة النفس أن تحن إلى التتقل فى الأحوال إذا كانت نقلت بالتركيب إلى عالم الكون ، ثم تتتقل بالتفريق إلى عالم الفساد، وما افتتح أمره واختتم بالنقلة، فاليق الأحوال بتوسطه للنقلة، ونازعت عين أهله نفسه إلى الاستكثار من رؤية سيدة الذهب فلزم المعاودة إلى منزلها الا والتمتع بتاملها حتى فطن له بطها ، وكان جليقيا غليظ الطبع ، قاسى القلب شديد البطش يسمى : النتب ، فرصد عين أهله حتى مر به ، فلما رآه وتب عليه فقتل فرسه، ومزق ثيابه، وتعتعه(1) وعنف عليه ، واستعان بأصحاب له، فاحتملوا عين أهله وأدخلوه الى دار الذتب وربطوه إلى سارية فى بيت من بيوتها ، لووكل به الذتب عجوزا قطعاء اليد ، جدعاء الأنف(2)، عوراء العين ، شوهاء الحالة ، فلما جن الليل أوقدت تلك العجوز نارا بالقرب من عين أهله، وجلست صطلى(1)، فتذكر عين أهله ما كان فيه من السلامة والرفاهية والعز ، فزفر ضربه بعنف .
(2) أى مقطوعة الأنف .
(2) تستدفيء :
صفحة ٦٢