وقد يكون الغلط فى بعض الناس من اشتراك الأسماء ومن أجل الحد أنهم لا يجدون سبيلا إلى تفصيل ما يقال بوجوه كثيرة ( وكذلك نجد أشياء ليست تجزئتها بيسيرة: مثل قولك: واحد، وأنه والذى هو بحال واحدة هذه ليست قسمتها بيسيرة). ومن الناس من يدخل عليه الغلط من قبل التأليف والتركيب ومن قبل القسمة والتجزئة لأنهم لا يظنون فرقا بين التأليف والقسمة. وكذلك الأكثرون من العوام. وقد يدخل الغلط أيضا على الناس من الإعراب والتعجيم بالنقط والعلامات، وذلك أنهم لا يرون 〈أن〉 الحرف إذا ثقل أو خفف تصرفت معانيه لا فى الواحد ولا فى الكثير. فأما الغلط الذى يدخل على الناس من شكل الكلمة وصورتها فذلك لا يكون إلا لمكان الاشتباه فيها. وقد يصعب الفرق فى ذلك حتى يعرف ما كان يقال من ذلك بالمثال والحال الواحدة، وما إذا قيل كان غيريا. فبالحرى أن من قدر على فرق ما بين هذين كان قريبا من الوقوع على الصدق والحق، ولا سيما أنه يقارب ذلك لا بالظن أن كل ما ثبت شيئا كان مشارا إليه وإنما نسمعه ونفهمه كشىء واحد. وذلك أنه لا يشبه أن يشار إلى شىء فيقال «هذا» أو «إنه» إلا ما كان مفردا أو جوهرا من الجواهر. من أجل ذلك قلنا إن هذا الضرب من التهجين لا يكون إلا فى الضرب من الكلمة. وقد يجب أن تعلم أولا أن الضلالة والغلط قد تكون أكثر عند مناظرتنا غيرنا أحرى من أن تكون إذا كنا متفكرين بذاتنا. ( وعلة ذلك أن المناظرة مع غيرنا لا تكون إلا بكلام واسط مترو فينا)؛ وأن الفكر من الإنسان إذا كان بذاته لا مع غيره، فأكثر ذلك لا يكون إلا من نفس الشىء معبرة عنه بلا واسطة من الكلام.
صفحة ٨١١