وقد يجوز الغلط من الإنسان وهو متفكر فى نفسه، سيما إذا كان فكره فى الكلام الذى يقع فيه الاشتباه 〈فى〉 المعبرة عن الشىء. وأيضا إن الضلالة والغلط إنما يكونان من الاشتباه، والاشتباه لا يكون إلا من أجل الكلمة والصوت واللفظ. فأما أنحاء الغلط التى من العرض فإنما تكون من أجل أنه لا يستطيع المتكلم أن يفصل بين نفس الشىء وغيره، وبين الواحد والكثير ولأية الأشياء المعروضة تعرض هذه كلها. — وكذلك تكون ضروب الغلط مما يلحق بالكلام لأن لاحق الكلام هو جزء من العرض؛ وذلك أنه يتخيل كأنه على الكثير، وهذا مذهبه يقول إن كان هذا لا يفارق فإذن إنما لا يفارق غيره. — فأما الغلط الذى يكون من نقص الكلمة وما يقال فى الشىء أو يقال بالقول المرسل فذلك غلط صغير، ولذلك ما ضربنا عنه ألبتة، لأن قولك: الآن، وفى، وكيف لا تربح المعنى إلا أقل ذلك، وكذلك الغلط الكائن من الموجود فى ابتداء المسألة ووضع ما ليس بعلة كعلة أو من تصير المسائل الكثيرة مسئلة واحدة؛ فإن الغلط فى هذه كلها لا يكون إلا القليل من الأمر، وذلك أنا لا نستقصى حد المقدمة ولا حذ القياس لمكان العلة التى ذكرنا.
صفحة ٨١٥