كما أن الشىء الواحد إن كان مشرفا على أن يكون تبكيتا أو سولوجسموس — ومثال ذلك أنه إن كان الموضوع أراد ألا يجمع القياس على أنه ربطه، بل أنه أراد بقوله ربطه هو 〈حق〉 إلا أنه غير مؤلف: وهو بعد محتاج إلى مسئلة: لم كانا جميعا عند طالبهما بدلالة واحدة ؟ فأما الأنحاء التى تكون من العرض عند تحديد القياس فتلك بينة واضحة، وذلك أن حد القياس وحد التبكيت حد واحد، إلا أن حد التبكيت على معنى مناقضة القياس، لأن التبكيت إنما هو مقياس مناقضة. فلما لم يكن القياس عرضيا لم يكن تبكيتا، لأنه ليس من الاضطرار إذا كانت هذه المشار إليها أن يكون هذا كذلك: فإن كان هذا أبيض فلم يكن باضطرار أبيض لمكان القياس. وكذلك الأطر يغنون وهى المثلث، لما كان زواياه مساوية لزاويتين قائمتين لم يجنب أن يكون الاسكيم عارضا له، فتكون لمكان الاسكيم أولية أو ابتداء. وذلك أن البرهان عليه لم يكن لأنه اسكيم أو لأنه أولية، بل يثبت البرهان عليه لأنه مثلث؛ وكذلك فى سائر الأشياء. من أجل ذلك إن كان التبكيت قياسا مناقضا لا يكون إلا من العارض فى القياس، لذلك لا يصح معنى التبكيت؛ إذ لا يكون إلا بالعرض. ولذلك ما يتحير مهرة الصناع والعلماء عند تبكيت الجاهل إياهم: لأنهم يجمعون القياس من العارض فيلقون به العلماء وهم لا يقدرون على القسمة: فإما سئلوا فأجابوا، وإما لم يجيبوا فظنوا أنهم قد أجابوا.
صفحة ٧٩٨