فأما الضروب التى تكون من المأخوذ فى بدء الكلام فقد يجوز لها أن تكون بكل جهة كان فيها افتتاح المسئلة. وبذلك القدر من الكلام يرى أنها مضللة مبكتة للذى لا يجد سبيلا إلى مقدمة للفصل بين الشىء من غيره.
فأما التبكيت الذى يكون من لواحق الكلام فإنما يكون للذى يظن المتكلم أنه قد أقلب لاحقة الكلام، كقولك إنه متى كان هذا باضطرار فقد يظن بغيره يكون كذلك باضطرار من أجل ما يعرض ذلك للوهم من قبل الحس، فقد ظن بالمرة أنها عسل لمكان الصفرة التى فى لونها. وقد يعرض للارض أن تبتل بعد المطر، فمتى كانت مبتلة ظننا أن ذلك لمكان المطر، وليس ذلك باضطرار. وكذلك برهان أصحاب الهذر إنما يثبتونه من قبل العلامات التوابع، لأنهم إذا أرادوا أن يثبتوا على إنسان أنه زأن أخذوا برهان ذلك مما يلحق بذلك الإنسان، فيقولون إنه متصنع بالزينة، أو أنه لا يزال يرى بالليل مترددا، وقد يكون هذا فى الكثير من الناس فلا يثبت من ذلك نعت.
صفحة ٧٨٢